انهارت أمس القوات العسكرية وميليشيا «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بعد يوم من بدء زحف المسلحين الحوثيين وقوات الجيش الموالية لهم في اتجاه مناطق الجنوب ومدينة عدن. في غضون ذلك، قصف الطيران الحربي الموالي للحوثيين المجمع الرئاسي في منطقة المعاشيق في عدن، حيث يقع القصر الذي كان يقيم فيه هادي، وشوهد المئات من المسلحين الموالين لهادي منتشرين في أرجائها وعند مداخلها، استعداداً لصد الحوثيين الذين شارفوا على دخولها من أكثر من جهة معززين بالدبابات والعربات المدرعة. وأفاد شهود بأن الحوثيين يستعدون للسيطرة على ميناء المدينة. وطلبت السلطات في عدن من الموظفين الحكوميين ترك وظائفهم والتزام منازلهم، كما أعلن تعليق الملاحة الجوية في المطار الدولي وسط أنباء عن توجه قوات عسكرية موالية للرئيس السابق علي صالح للسيطرة عليه. في صنعاء، طلبت اللجنة الأمنية العليا التي يديرها الحوثيون من أبناء محافظتي عدن ولحج «المساهمة في حفظ الأمن والاستقرار وأن يكونوا عوناً لرجال القوات المسلحة والأمن واللجان الثورية والشعبية في التصدي بكل بسالة لعناصر القاعدة والدواعش الإجرامية» على حد قولها. وأكدت أن «رجال القوات المسلحة والأمن واللجان الثورية والشعبية الوطنية، لن يسمحوا لأحد بأن يعتدي على حياة المواطنين وأعراضهم وممتلكاتهم»، كما طلبت «رص الصفوف لمواجهة الأعمال الإرهابية وملاحقة عناصر الإرهاب وإفشال المخططات الرامية للتدخل في الشؤون الداخلية لليمن». وتوغلت القوات الموالية للحوثيين من جبهتي تعز والضالع واستولت صباحاً على قاعدة العند الجوية في محافظ لحج على بعد 60 كيلومتراً شمال عدن وسيطروا على اللواء 201، وهي أضخم قاعدة في البلاد وفيها أكبر مخزون من الأسلحة والمعدات ومطار حربي وعدد من المقاتلات. كما سيطروا على معسكر لبوزة في ردفان قبل الوصول إلى عدن، واتجهوا إلى مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج وأحكموا سيطرتهم عليها بعد مواجهات عنيفة مع القوات الموالية للرئيس هادي والمؤلفة من وحدات عسكرية ومليشيا «اللجان الشعبية» الموالية له. وبث قادة أمنيون موالون للحوثيين صوراً لهم وهو إلى جوار السور الخارجي لقاعدة العند الجوية، وذكرت مصادر الحوثيين أن مخازن السلاح في القاعدة التي كانت تتمركز فيها قوات أميركية محدودة في سياق عملياتها ضد تنظيم» القاعدة»، تعرضت لعلميات نهب من الموالين لهادي قبل الانسحاب منها. وأفادت مصادر عسكرية «الحياة»، بأن القوات «الموالية لهادي كانت تفتقر إلى التنظيم والذخائر الكافية، وسط اتهامات لقادة عسكريين بالتواطؤ مع الحوثيين واختراق الجبهة الموالية لهادي من الداخل، وهو ما أدى إلى تسريع تقدم القوات الحوثية التي وصلت لحج من طريق تعز (260 كلم شمال عدن) ومحافظة الضالع. وزادت المصادر أن مدينة الضالع ما زالت تشهد مقاومة عنيفة بين مسلحي»الحراك الجنوبي» وقوات الجيش الموالية للحوثيين، بسبب طبيعة السكان القبلية والطبيعة الجبلية في المنطقة التي تساعد المناهضين على المقاومة والمناورة. وذكرت مصادر محلية في محافظة لحج أن أنصار هادي من العسكريين ومسلحي «اللجان الشعبية» و»الحراك الجنوبي» خاضوا اشتباكات عنيفة مع القوات الحوثية ونصبوا لها مكامن في مدينة الحوطة، كبدتهم خسائر كبيرة. ولم تستبعد المصادر أن يكون اللواء الصبيحي أصيب خلال المواجهات قبل أن يعتقله الحوثيون. وأكدت أن طلائع الحوثيين وصلت عبر جبهتين إلى مشارف مديريتي البريقة ودار سعد التابعتين لمحافظة عدن، وسط ترقب نشوب مواجهات عنيفة مع أنصار هادي الذين فتحت لهم مخازن الأسلحة الرئيسية في المدينة. وأفادت مصادر أمنية في عدن، بأن قائد قوات الأمن الخاصة في عدن عبدالحافظ السقاف الذي كان هادي أقاله وأنهى تمرده بالقوة قبل أيام، موجود على مقربة من مدينة عدن ويستعد لإعادة نشر جنوده في المدينة لضبط عملية الأمن فيها. إلى ذلك، تواصلت التظاهرات في مدينة تعز غداة قتل ثمانية محتجين يرفضون الوجود الحوثي في المدينة، ما قاد المحافظ شوقي هائل إلى تقديم استقالته، وطالبه المحتجون أمس بالتراجع عنها، في حين علمت «الحياة» من مصادر حزبية أنه تم إقناعه بالعدول عن الاستقالة حتى لا تعم الفوضى المحافظة. ويعتقد مراقبون أن الحوثيين لم يكونوا قادرين على إحراز الانتصار السريع في المواجهات مع قوات هادي لولا تلقيهم الدعم الكامل من قادة الجيش الموالين للرئيس السابق علي صالح. وكانت الهيئة الوطنية للحفاظ على القوات المسلحة المشكلة من عسكريين موالين لصالح، عبرت في بيان عن رفضها أي تدخل خارجي في الشأن اليمني «تحت أي مبرر وبأي شكل من الأشكال ومن أي جهة كانت». وقالت إنها «ومعها كل منتسبي القوات المسلحة والأمن وكل أبناء الشعب اليمني الأبي بكل مكوناته، سوف يتصدون بكل قوة واستبسال لأي محاولة للمساس بتراب الوطن الطاهر واستقلاله وسيادته أو يهدد وحدته وسلامة أراضيه». وشيعت الجماعة في صنعاء أمس جثامين نحو 150 قتيلاً قضوا في الهجومين المزدوجين على مسجدين في صنعاء الجمعة الماضي. وكان تنظيم «داعش» أعلن مسؤوليته عنه في أول عملية من نوعها من حيث المكان المستهدف وعدد الضحايا الذي وصل إلى 500 بين قتيل وجريح.