واصلت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في شأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 الاستماع إلى شهادة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أمس. وأكد السنيورة رداً على أسئلة وكيل الدفاع عن المتهم حسن مرعي المحامي جاد خليل عن البيان الوزاري في 17 نيسان 2003 أن الحريري وافق عليه ولكن تمت عرقلة تنفيذه «ونعرف جيداً كيف تم التلاعب بالقضاء». وعن الطرق التي جرى التلاعب فيها بالقضاء، قال: «خلال الفترة الزمنية التي كان فيها النظام الأمني السوري- اللبناني يتلاعب بالقانون والمحاكم أقر البرلمان قانوناً يتعلَّق بحريات المواطنين وبصلاحيات السلطات الأمنية في مدة احتجاز حرية الأشخاص الذين هناك بحقهم اتهامات أو مشكوك بأمرهم. وذهب القانون إلى الرئيس للتوقيع ورده الرئيس وعاد البرلمان وأكد عليه وذلك من صلاحية البرلمان، وبنتيجة الضغوط اضطر المجلس النيابي لإصدار قانون آخر ليلغي المواد الذي أدخلها بموجب القانون الأول، وأقول ذلك نموذجاً على كيفية التلاعب بالقوانين التي كنا نتعرّض لها». وتحدث عن عملية اقتحام وزارة المال من قبل بعض الأجهزة الأمنية يوم كان وزيراً وملاحقة عدد كبير من الأشخاص كانوا على علاقة بالحريري وتوجيه التهم إليهم بموجب قرارات قضائية بهذا الخصوص عام 1998 لتثبيت براءتهم لاحقاً». وأبرز خليل صورة عن اجتماع للجنة الأمنية اللبنانية السورية عام 2008 سائلاً السنيورة عنه ليخلص إلى أن معاهدة الإخوة والتعاون التي وقعت بين لبنان وسورية عام 1991 كانت سارية المفعول قبل اغتيال الحريري وبعده في ظل حكومة السنيورة. وعلق السنيورة على أسئلة الدفاع بالقول: «الذي كان يجري في تلك الآونة مجموعة من المخالفات لروحية وطبيعة الاتفاقية من خلال الاستتباع الذي كان يمارسه النظام الأمني السوري-اللبناني... ليست المشكلة أن هناك قانوناً، الاتفاقية موجودة والصورة أخذت، ولم تأت بأي جديد في هذا الشأن لكن الموضوع هو الممارسة». وهنا تدخّل القاضي الرديف نيكولا ليتييري سائلاً الشاهد عن الجهاز الأمني اللبناني-السوري وكيفية تدخله في القضاء، وعن أن لبنان شهد سلسلة من الاغتيالات بالسيارات المفخخة، وقال ليتييري: «هل أعاق الجهاز الأمني السوري-اللبناني عمل القضاء ووضع العراقيل أمام التحقيقات في تلك الاغتيالات»؟ قال السنيورة: أعتقد أنني قلت كيف أن الأجهزة الأمنية عبثت بمكان الجريمة التي ارتكبت بحق الحريري وهذا الأمر ثابت من كل التحقيقات التي أجريت وهذا نموذج كيف يمكن إعاقة التحقيق وسير العدالة». وسأله ليتييري: «بالنسبة إلى الخطط التي أشار إليها الحريري لاغتياله، هل تعرف أسبابها؟ ولم لم يكن هناك ملف بالمسألة؟ ولم يتم تبليغ الشرطة عنها»؟ وأجاب: «ذكرت البارحة حرفياً ما سمعته من الحريري، وهذا الأمر لم يجر الإعلام عنه ولم أعرف أكثر مما ذكرته لكم. ولا أعرف إذا رفعت أي تقارير إلى الشرطة». ثم استجوب محامي الدفاع عن المتهم أسد صبرا ديفيد يونغ السنيورة في شأن الضباط مصطفى حمدان، ريمون عازار وعلي الحاج وتفاصيل الجهاز الأمني اللبناني-السوري. وأوضح الشاهد أن عبارة الجهاز الأمني السوري اللبناني، تعني «مجموعة من الأشخاص والأدوات المتاحة لهم تتعلق بالأمن والتي هي على صلة وثيقة بالأجهزة الأمنية السورية من خلال المندوب السوري في لبنان الذي كان يقيم في بيروت أو عنجر ويتم التنسيق معه ومع الجهاز في أمور تتعلق بالأمن والسياسة وغيرها ويقوم بهذه الإجراءات التي تنال من حرية وكرامة الناس». وعما إذا كان رستم غزالة هو رأس النظام الأمني من الجانب السوري، قال: «أتصور، هذا كان الوجه الظاهر». وعن أبرز الوجوه التي تولت الأمر من الجانب اللبناني لفت السنيورة إلى أن «اللواء جميل السيد هو أحد الأسماء». وبالنسبة إلى عدد الوجوه البارزة، قال: «الضباط الأربعة الذين اعتقلوا هم جزء من هذه التركيبة» (السيد وحمدان وعازار والحاج). وفيما ركّز يونغ في أسئلته على طبيعية الوجود السوري في لبنان في شباط عام 2005، وعدد القوات السورية، كان السنيورة يؤكد في كل مرة «لا أعرف. ولم أسأل يوماً ولست خبيراً في الشؤون الأمنية». وركز الدفاع على أسئلة تفصيلية في شأن النظام الأمني والتدخل السوري والتراتبيات في العمل الأمني. وأجاب السنيورة بأن لا علم له بهذه التفاصيل. وسأله الدفاع إذا كان هناك من عام 2005 إلى 2009، بعض المستندات الحساسة التي لم يتمكن من رؤيتها؟ فقال: «لا أستطيع تأكيد أنني كنت أحصل على كل المعلومات التي تصدر من مديرية المخابرات أو الأمن العام. من حيث الفعل كان يتبين بين حين وآخر أن هناك معلومات خافية على رئيس الحكومة». وتطرق الدفاع إلى موضوع تنصت جهاز الاستخبارات الأمني السوري من عام 2002 إلى 2004، وإمكان اكتشاف من أين كان يحصل التنصت، وقال السنيورة: «لا أنا كشخص أو كوزير مالية كان لدي قدرة على التعرف إلى مثل هذا الأمر. وعندما قال الحريري في البرلمان للرئيس نبيه بري أتعلم يا دولة الرئيس أن خطوطك الهاتفية وخطوطي هي عرضة للمراقبة لم يحدد إذا كان ذلك مقتصراً على الهواتف الثابتة أو النقالة». وأضاف: «كمسؤول كنت أتوخى الحذر في ما أقوله لأنني أعلم أنني كنت مراقباً». وقال في شأن علمه بين عامي 2002 و 2005، بأن هناك مخبرين في شركتي الهاتف: «صحيح ربما، ربما كانوا يتولون التواصل مع موظفين هناك ليمكنهم التنصت أو أنهم ثبتوا أجهزة في الشركتين». وأكد أن «الأجهزة كانت تتنصّت لكن لا أعلم إذا كانت تتلاعب بمضمون الاتصالات». وسأل محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين انطوان قرقماز: «إذا عدنا إلى أيلول (سبتمبر) 2004، وهذه فرضية، لو كان الحريري رفض تطبيق القرار 1559 أي نزع سلاح الميليشيات وسلاح المقاومة ولو كان حزب الله دعم الحريري في تأليفه الحكومة هل سيكون من المنطقي اعتبار أن أعضاء من الحزب سيخططون لاغتيال الحريري في شباط 2005؟ هل من المنطقي التفكير بهذه الطريقة؟». أجاب الشاهد: «موقف الحريري كان معروفاً بالنسبة إلى سلاح المقاومة وعلاقة لبنان بسورية، كان يقول أمر سلاح المقاومة يحل بين اللبنانيين وبالحوار ولا يمكن أن يلجأ إلى استعمال القوة في هذا الشأن، وبالنسبة إلى السؤال الثاني لست في أي موقع أستطيع أن أسدد أصبعي وأقول أن حزب الله هو الذي ارتكب هذه الجريمة. ولا بشكل من الأشكال. نحن هنا أمام محكمة نريدها أن تكشف اللثام عن الجريمة ولا أستطيع أنا. لا أملك معلومات ولا طريقة لتسديد اتهامات كهذه من دون أن تكون مبنية على قرار من المحكمة».