عاش سكان جدة أوقاتاً عصيبة إبان «كارثة الأربعاء» التي شهدتها المحافظة الأربعاء الماضي، حين تدفقت السيول على المدينة من كل حدب وصوب، جارفة كل ما يعترضها، فطفت الجثث وشردت الأسر، ونقلت المركبات وحولتها إلى أكوام متناثرة في أجزاء واسعة منها، وكان لأحياء الشرق والجنوب نصيب الأسد من إفرازات الكارثة، فلايوجد أي حي بها إن لم يكن منزلاً إلا وبه قتيل أو مفقود، أو شخص لا يعلم اين اختفت مركبته، فضلاً عن الخسائر التي تكبدتها المتاجر والأسواق نتيجة مداهمة الماء لها. والماء أو «أكسير الحياة»، تحول في السنوات الأخيرة إلى سلعة نادرة يقفون أياماً للظفر بصهريج، بيد أنه زار المحافظة الأربعاء الماضي وكان ضيفاً ثقيلاً كما يردد غالبية أهالي جدة منهم «مشرف الزهراني» الذي فقد منزله وسيارته وممتلكاته في حي قويزة شاكياً من عدم تجاوب اللجان التي تقدر الأضرار التي وصف تعاملها ب «الفوقية» «ولا يكلف أفرادها الترجل من سياراتهم ومشاهدة آثار تلك السيول على منازلنا». وقال: «هم يكتفون باستلام الأوراق وتقديم الوعود لنا بالاتصال الذي مازلنا ننتظره منذ خمسة أيام هذا عدا المعونات الغذائية التي لم تتعد بعض البسكويت والماء»، مشيراً إلى أنه يراجع مكتب اللجنة في شارع الستين وبعد استلامه استمارة لحصر الأضرار طلب منه تصويرها قبل تعبئتها صوراً عدة لتوزيعها للآخرين بحجة عدم توافر نسخ كافية. وأكد أنه منذ السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساء ينتظر اللجنة لتستلم تلك الاستمارة «التي كان مصيرها سلة للنفايات»، بحجة عدم وجود تعليمات لديهم، ويضيف أنه عانى حتى تمكن من الحصول على شقة سكنية تؤويه وعائلته المكونة من أربعة أفراد تحصل عليها بعد يومين من المراجعة والذهاب والإياب للشقق التي ترفض استقبالهم. فيما يكشف المواطن صالح ضيف الله الزهراني معاناته مع الشقق التي ترفض استقبالهم على رغم الأوامر بحجة عدم وجود غرف في حين تستقبل من يرغب في السكن على نفقته الخاصة، ولم يحصل عليها من يوم الجمعة وحتى يوم أمس ماجعله يسكن على نفقته الخاصة حتى حصوله على أمر الإسكان أخيراً. وذكر أنه طلب استمارة حصر الأضرار، إلا أن موظفي اللجنة اشترطوا عليه تصويرها صوراً عدة لتوزيعها للراغبين في التسجيل لعدم وجود آلة تصوير، وعدم وجود نسخ وبعد إحضارها طالبوه بتعبئة استمارة أخرى، إذ ألغيت الأولى ولم تقف معاناته عند هذا الحد بل طالبوه بإحضار والديه المسنين كشرط لتقديم استمارة حصر الأضرار والحصول على شقة وإحضار كرت العائلة «الذي فقدته معظم الأسر في منازلها المنهارة». طارق الحسن والذي حصل على شقة مكونة من غرفة وصالة فقط لأسرته (سته أفراد) قال إن المتضررين لم يسلموا من جشع حتى أصحاب المحال التجارية الذين لم يراعوا ظروف المنكوبين وبدأوا في رفع أسعار المواد الغذائية للضعف، فيما طالب المتضررون ممن اجتمعوا أمام إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة لتقديم أوراقهم للجنة بتدخل سريع لإنهاء معاناتهم، لاسيما في مثل هذه الظروف التي يعيشونها والتي تتطلب مساندتهم للخروج من تلك الأزمة.