استبق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التئام القمة العربية التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ (جنوبسيناء) السبت المقبل، بالدعوة إلى تجاوز الخلافات العربية- العربية، منبهاً إلى أن «خطر الإرهاب الذي يحدق بالعديد من دول المنطقة يستدعي التكاتف العربي». ومن المقرر أن يبدأ وزراء الخارجية العرب اجتماعهم في القاهرة الأربعاء المقبل، لإقرار جدول أعمال القمة ومشاريع القرارات التي ستعرض على قمة الزعماء السبت المقبل. وعلمت «الحياة» أن دولاً عربية رفضت إدراج بند مشروع إنشاء محكمة العدل العربية على جدول أعمال القمة، فيما تم إدراج البند الذي اقترحته القاهرة في شأن صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة. وأفيد بأن جدول الأعمال لم يشر إلى الاقتراح المصري بشأن إنشاء قوات عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب، غير أن مصادر عربية تحدثت إلى «الحياة»، أوضحت أنه من حق مصر أو أي دولة عربية أن تطرح ما تريده مباشرة أمام القمة. وتناقش القمة العربية، وفق جدول الأعمال الذي حصلت عليه «الحياة»، 11 بنداً، على رأسها التطورات الخطيرة في كل من سورية وليبيا واليمن، وتعديل ميثاق الجامعة العربية والنظام الأساسي المعدل لمجلس السلم والأمن العربي، كما يناقش الملوك والرؤساء تقريراً مفصلا يلقيه رئيس القمة السابقة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح حول نشاط هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات التي صدرت عن قمة الكويت العام الماضي، وتقرير الأمين العام للجامعة العربية عن العمل العربي المشترك وملاحقه. وتناقش القمة القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي ومستجداته، وتفعيل مبادرة السلام العربية، ودعم موازنة دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني والجولان العربي السوري المحتل، والتضامن مع لبنان ودعمه، كما تناقش القمة احتلال إيران الجزر العربية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات، ودعم الصومال، ومناقشة مشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري للقمة. وكان الرئيس المصري التقى في قصر الاتحادية الرئاسي أمس، أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، حيث شهد اللقاء استعراضاً لآخر المستجدات والاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية التي تتولى مصر رئاستها، وفقاً لبيان رئاسي نقل عن السيسي تشديده على أهمية «إعلاء قيمة التضامن العربي، وتعزيز العمل العربي المشترك والحرص على وحدة الصف والتوصل إلى توافق وتجاوز أي خلاف في وجهات النظر خلال القمة القادمة». وأشار العربي إلى أن الأمن القومي العربي «سيتصدر أولويات جدول أعمال القمة، وذلك إدراكاً من الدول العربية لحجم المخاطر والتهديدات وضرورة توفير الأدوات اللازمة لدحر الإرهاب والحفاظ على الدول العربية»، موضحاً أن تعديل ميثاق الجامعة العربية سيكون أيضاً ضمن البنود المهمة المطروحة على جدول أعمال القمة، وذلك لجعل الميثاق أكثر تطوراً وبما يعزز آليات عمل الجامعة العربية، ويجعلها أكثر قدرة على الاستجابة لمختلف التحديات. وأوضح الناطق باسم الرئاسة السفير علاء يوسف، أن السيسي حذر خلال اللقاء من «خطر الإرهاب الذي يحدق بالعديد من دول المنطقة العربية في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي يستدعي التكاتف العربي أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على مقدرات الدول والشعوب العربية، وذلك من خلال صياغة منظومة الأمن القومي العربي، بما يمكن الدول العربية من الاستجابة والتعامل مع التحديات الجسيمة التي تفرضها الظروف الحالية». وأشار البيان الرئاسي المصري الى أن اللقاء استعرض المستجدات المتعلقة بالعديد من القضايا العربية، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، وتطورات الأوضاع في كل من ليبيا وسورية واليمن والعراق، حيث أشاد الرئيس المصري بجهود العاملين في جامعة الدول العربية وإعدادهم الجيد لاجتماعات الجامعة التي تتم على مختلف المستويات، مؤكداً أهمية تشجيعهم والإعراب عن التقدير لجهودهم في تعزيز آليات العمل العربي المشترك. ومن المقرر أن يناقش الملوك والرؤساء مشروع إعلان شرم الشيخ، وتحديد موعد ومكان عقد الدورة العادية 27 لمجلس الجامعة على مستوى القمة وتوجيه الشكر والتقدير لمصر على استضافتها القمة العربية في شرم الشيخ. ويلقي السيسي كلمة في افتتاح أعمال القمة، فيما يلقي أمير الكويت كلمة بمناسبة تسليمه القمة إلى مصر، كما يلقي ملك الأردن الملك عبد الله الثاني بن الحسين، كلمة بعد إجراء مراسم الاستلام والتسليم من الكويت إلى مصر، وذلك بناء على مذكرة رسمية من الأردن يطلب خلالها إلقاء كلمة، كما يلقي رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز كلمة في الافتتاح. في غضون ذلك اجتمع الرئيس المصري أمس بالمبعوث الخاص لرئيس أندونيسيا للشرق الأوسط ومنظمة التعاون الإسلامي علوي عبد الرحمن شهاب، في حضور وزير الخارجية سامح شكري، حيث نقل المبعوث الأندونيسي رسالة من الرئيس الأندونيسي إلى السيسي تضمنت دعوته للمشاركة في قمة آسيا- أفريقيا التي ستنظمها أندونيسيا الشهر المقبل تزامناً مع ذكرى مرور 60 عاماً على انعقاد مؤتمر باندونغ العام 1955. وأعرب شهاب عن تطلع بلاده لقيام السيسي بزيارة رسمية إلى إندونيسيا، في ضوء اهتمامها بتفعيل العلاقات التاريخية المتميزة التي تجمعها بمصر في المجالات كافة، مشيداً بدور مصر الرائد في المنطقة، وكذا في العالم الإسلامي، ومثنياً على دور الأزهر الشريف في نشر علوم الدين الإسلامي، وما ساهم به من مساهمة فاعلة في إعداد وتثقيف العلماء الأندونيسيين. وأعرب عن تطلع بلاده لزيارة يجريها شيخ الأزهر إلى أندونيسيا، حيث أكد المبعوث الأندونيسي أهمية الدور المحوري الذي يقوم به الأزهر الشريف في ما يتعلق بنشر صحيح الدين الإسلامي ونبذ الغلو والتطرف والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وهو ما أكد عليه السيسي، مشدداً على أهمية دور الأزهر الشريف باعتباره منارة للإسلام الوسطي المعتدل يمتد إشعاعها العلمي إلى كل الدول الإسلامية، ومرحباً بزيادة التعاون بين الأزهر وأندونيسيا، واستقبال مزيد من الطلاب الأندونيسيين للدراسة في الأزهر الشريف. وأوضح الناطق باسم الرئاسة السفير علاء يوسف، أن اللقاء شهد استعراضاً للتحديات التي يمثلها الإرهاب بالنسبة إلى الدول الإسلامية بل وللدين الإسلامي ذاته، وأنه يتعين تضافر كل الجهود، سواء على مستوى الدول الإسلامية أو من قِبل المجتمع الدولي، فضلاً عن عدم اقتصار مكافحة الإرهاب على الجانب العسكري والأمني فحسب، بل يتعين أن تمتد لتشمل تصويب المفاهيم الخاطئة وتجديد الخطاب الديني وتطوير التعليم باعتباره إحدى الركائز الأساسية للبناء الفكري وتكوين الشخصية.