تغيّرت اللهجة الأميركية بعد فوز زعيم «ليكود» بنيامين نتانياهو بالانتخابات العامة الإسرائيلية، وعكست المؤشرات الرسمية الأولى من واشنطن رغبة بحفظ مسافة في العلاقة مع نتانياهو، إذ تفادى الرئيس باراك أوباما الاتصال به حتى الساعة، وأوكل إلى وزير خارجيته جون كيري مهمة الاتصالات معه، في وقت لمحت الإدارة الأميركية إلى القيام بخطوات عدة، بينها «إمكان تبني» قرار دولي في الأممالمتحدة يؤيد دولة فلسطينية على حدود عام 1967. وطوى انتخاب نتانياهو صفحة في العلاقة بين البيت الأبيض وتل أبيب، الأمر الذي انعكس في لهجة تصعيد وبرودة في مخاطبة نتانياهو، وتلويح ضمني بتصعيد في مجلس الأمن في حال عدم تغيير رئيس الحكومة الإسرائيلية من لهجته. وكان أول عناوين هذه البرودة اتصال «مقتضب» بين كيري ونتانياهو للتهنئة، على حد وصف وزارة الخارجية الأميركية، فيما أكد البيت الأبيض أن أوباما سيتصل به «خلال الأيام المقبلة». إلا أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين في الإدارة أن «العلاقة الإسرائيلية- الأميركية ستبقى قوية، إنما لن تتم إدارتها بين أوباما ونتانياهو، بل ستنتقل إلى كيري، أحد الأصدقاء القليلين المتبقين لنتانياهو». وقال مسؤول للصحيفة: «الرئيس أوباما براغماتي، وإذا كانت هناك فائدة للانخراط فسينخرط... إنما لن يضيع وقته». ويبدو أن الجانب الأميركي سينظر بخيارات أخرى للضغط على نتانياهو، بينها «إمكان تأييد قرار في مجلس الأمن يتبنى مبادئ حل الدولتين على حدود عام 1967»، كما قالت مصادر ديبلوماسية في واشنطن ل «الحياة». وأفادت المصادر بأن هذا التأييد قد يتم عبر مسارين: إما بالتنسيق مع الأوروبيين، خصوصاً الجانب الفرنسي، لتقديم نص القرار، وإما الامتناع الأميركي عن نقضه أو تأييده في المنظمة الدولية. وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية جن بساكي لمحت ضمناً إلى هكذا تحرك، إذ قالت بعد تصريحات نتانياهو الرافضة حل الدولتين عشية الانتخابات: «فقط حل الدولتين المتمثل بإسرائيل آمنة تعيش جنباً الى جنب مع دولة فلسطين سيدة ومستقلة يمكن أن يحمل السلام الدائم والاستقرار إلى الشعبين». لكنها أقرت بأنه نظراً إلى تعهدات نتانياهو الانتخابية، فإن الإدارة ستعمل «على تقويم مقاربتنا عملاً بالطريقة الأفضل التي يمكن فيها تحقيق حل الدولتين». وأضافت واشنطن نقطة خلاف جديدة مع تل أبيب، إذ تطرقت للمرة الأولى إلى الخطاب الإسرائيلي الداخلي، وانتقد الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست تصريحات نتانياهو في شأن عرب ال1948 في إسرائيل، قائلاً: «نحن قلقون جداً من هذه اللهجة، وسننقل هذه الرسالة إلى إسرائيل». وسيكون الامتحان الأول لنتانياهو هو تشكيل الحكومة المقبلة، وأيضاً سحب السفير الإسرائيلي الحالي رون ديرمر من واشنطن الذي ساءت علاقته جداً مع الإدارة بعد التنسيق مع «الجمهوريين» في الكونغرس، ومن دون علم البيت الأبيض، لخطاب نتانياهو في 3 آذار (مارس) الذي أثار جدلاً كبيراًفي حينه. وتقول مصادر ديبلوماسية إن نقل ديرمر هو على لائحة المطالب الأميركية من نتانياهو. ويستفيد نتانياهو في واشنطن من دعم جمهوري كبير انعكس في تهنئته من القيادة الجمهورية في الكونغرس، ومن مرشحين من اليمين محتملين للرئاسة، بينهم جيب بوش وتيد كروز، ما يفرض على البيت الأبيض تجنب أي مواجهة مع نتانياهو على عتبة الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 خوفاً من تسييس الكونغرس للأزمة، والرد في ملفات أخرى، من بينها إيران أو قضايا الهجرة والموازنة.