ربما يتطلب الأمر تدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حسم السجال القائم حول ماكينة الخياطة «سنجر»، مع تردد «أنباء غير مؤكدة عن إمكان استخدام الزئبق الأحمر في الصناعة النووية»، بحسب أحد المتسوقين الذي علق مازحاً، أن «ما سيعيق عمل الوكالة، عدم وجود مكان واحد يضم كل مكائن الخياطة»، ما يعني أنها «ستخصص جدول أعمال يشمل جميع أسواق الحراج في المملكة، وربما تطلب صلاحيات أكثر للدخول إلى منازل المسنّات لفحص سنجراتهم». وعلى رغم أن أصحاب مناجم الذهب، يفضلون آلات الحفر بمختلف أنواعها الثقيلة والخفيفة، في إيجاد الكنوز، إلا أن إصرار البائعين والمساومين على أهمية الزئبق، بشرط أن يكون «أحمر»، يضع عمل المنجمين موضع شك، ويحيل إلى نوع من الهوس بالمؤامرة، يدبرها المسيطرون على استخراج الكنوز، ما يحيل مرة أخرى إلى «الاستعانة بالجن» وليس آلة حفر، وتكمن المشكلة في الحاجة الضرورية إلى «الزئبق»، للسيطرة عليهم، والزئبق في ماكينة سنجر، إلا أن الوصفة مفقودة هنا، وسط انشغال الباعة والمشترين والمتفرجين في إتمام عملية البيع، التي بدأت من 50 ريالاً، وصولاً إلى مئة ألف ريال، وهبوطاً إلى 50 ريالاً مرة أخرى؛ لكن، أين الوصفة التي تسخر الجان وتخرج كنوز سليمان؟! ويمتلك الوصفة، في حال وجدت، مخترع الماكينة إسحاق سنجر، الذي تمكن في عام 1846م من اختراع آلية حركة الإبرة صعوداً ونزولاً في ماكينة الخياطة، وارتباط الإبرة بدواسة قدم، كبديل عن ذراع التدوير اليدوي، وحققت الماكينة، التي حملت اسمه الثاني «سنجر» ثروة له، والغريب عدم «استعانته بالجان باستخدام الزئبق الأحمر»، ليبني كنوزه. وتنوعت آراء المتابعين، بين نفي قاطع لوجود الزئبق، ومشكك وبخاصة مع اختبار التحقق من وجوده، والاختبار في حد ذاته يشكل فتحاً في عالم الاكتشافات، ويستخدم فيه المشككون ال«موبايل» لإثبات وجود الزئبق، إذا لم ينقطع الاتصال فهو غير موجود، ويكمن في طريقة الاختبار معنى آخر، يتمثل في وضع شركات الاتصال السعودية، وبخاصة أنها تراهن على أن «تغطية شبكتها لا تنقطع في أي مكان من المملكة»، فكيف بها تنقطع إلى جانب ماكينة خياطة لم تستخدم منذ سنوات، وفي سوق الحراج! وعلى الصعيد النفسي، وجد الناقد الدكتور أحمد إبراهيم «حياة الناس مملوءة بالأوهام والأكاذيب، إذ تفضل الطبيعة البشرية الرغبات على الحاجات، وبالتالي تصبح الأوهام والأحلام أكثر سيطرة على الإنسان من المنطق والعقل»، ويغلب على البائعين حساً تجارياً صرفاً، إذ يمارسون ما تمارسه الشركات الكبرى من بيع الوهم في منتجاتها، وما يقنع باعة «سنجر» الإعلانات التجارية، التي عوضوا عنها بسرعة «انتشار الشائعة من شمال المملكة، التي شهدت انطلاقة الهوس الأحمر، إلى غربها وجنوبها وشرقها»، وصولاً إلى «زوايا الغرف في منازل الجدات المالكات لماكينة سنجر». ويظهر أن الجمهور أحب «سنجر» ولم يبالِ بتصريح المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي من أن «وجود الزئبق الأحمر داخل مكائن الخياطة القديمة وما صاحبها من ارتفاع أسعار خيالي، مجرد شائعة هدفها الاحتيال»، ومن لم يصدق المتحدث الأمني لن يصدق تأكيدات الشركة المصنعة من أن «المواد المستخدمة في صناعة المكائن لا تعدو كونها مصنوعة من زهر الحديد، ولا تحتوي على أي مواد مشعة، وليس لها ارتباط بالزئبق الأحمر»، إذن فما هو زهر الحديد؟!