قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس (الأحد) إنه اضطر إلى نشر قواته لتفادي "حمام دم" في القرم، مشيراً إلى أنه كان مستعداً قبل عام لاستنفار القوات النووية إزاء أي تدخل غربي محتمل في شبه الجزيرة الأوكرانية التي ضمتها روسيا. وصرح بوتين في وثائقي عرض مساء أمس على قناة "روسيا 1" العامة عشية الذكرى السنوية الأولى ل "عودة" القرم إلى روسيا: "كنا مستعدين لاستنفار الاستعدادات النووية تحسباً لأسوأ احتمال يمكن أن تصل إليه الأمور". وأشارت القناة إلى أن التصوير الوثائقي ومدته ثلاث ساعات تقريباً استغرق ثمانية أشهر، من دون أن تحدد موعد تسجيل المقابلة مع الرئيس الروسي الذي أثار غيابه عن أي ظهور علني منذ الخامس من آذار(مارس) تكهنات عدة حول وضعه الصحي. وأوضح بوتين أن روسيا نشرت أيضاً في القرم بطاريات صواريخ دفاعية ساحلية من طراز "باستيون"، وأسلحة من شأنها ردع بارجة أميركية، كانت آنذاك في البحر الأسود، عن التدخل. وأضاف: "كنا نجهل آنذاك ما إذا كان الغرب سيتدخل عسكرياً، ولهذا السبب اضطررت إلى إعطاء التعليمات اللازمة لقواتنا المسلحة، والأوامر في شأن موقف روسيا وقواتنا المسلحة في كل الظروف". وقال: "تحدثت مع زملائي القادة الغربيين وأوضحت لهم أنها كانت جزءاً من أراضينا تاريخياً، وأن هناك روساً يقيمون فيها لا يمكننا التخلي عنهم لأنهم في خطر"، وتابع: "كان موقفاً واضحاً وصريحاً، ولهذا السبب لا أعتقد أن أحداً أراد إثارة نزاع دولي". وأثار ضم القرم إلى روسيا في آذآر (مارس) 2014 أسوأ أزمة ديبلوماسية بين موسكو والغرب منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، ونزاعاً مسلحاً في شرق أوكرانيا أوقع أكثر من ستة آلاف قتيل. وشدد بوتين على أن روسيا لم يكن لديها نية في ضم القرم قبل إطاحة الرئيس الاوكراني الموالي للكرملين فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) 2014، مشيراً إلى أنه أراد تفادي وقوع "حمام دم" خلال الاستفتاء الذي جرى في شبه الجزيرة في آذار(مارس) من العام نفسه، وتم على أثره ضمها إلى روسيا. وقال "كان علينا تعزيز وجودنا العسكري في القرم لإيجاد الظروف المواتية لتنظيم استفتاء، من دون حمام دم"، في إشارة إلى نشر قوات هيئة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش. لكنه أكد أن عدد الجنود الروس الذين أرسلوا لم يتجاوز سقف 20 ألفاً، تجيز معاهدة مع اوكرانيا نشرهم في القاعدة البحرية الروسية في سيباستوبول (الميناء الذي يستخدمه الأسطول الروسي في البحر الأسود)، لافتاً إلى أن "الهدف النهائي لم يكن السيطرة على القرم أو ضمها، وإنما منح الأشخاص الفرصة لتقرير مستقبلهم". وسيطرت قوات موالية لروسيا على برلمان القرم في 27 شباط (فبراير) 2014 ، واستدعي النواب على عجل للتصويت على إجراء استفتاء قامت موسكو إثره بضم القرم رسمياً في 18 آذار (مارس)، ما أثار استنكاراً دولياً. وأقر بوتين بأن روسيا "تصرفت في شكل حازم جداً" في ما يتعلق بالقرم، لكنه تدارك "أنا واثق بأننا لو لم نقم بذلك لكانت الأحداث في القرم اتخذت منحى مشابهاً للسيناريو الذي نراه اليوم في دونباس (الحوض المنجمي في شرق اوكرانيا حيث أسفر نزاع مسلح بين قوات كييف والانفصاليين منذ 11 شهراً عن نحو ستة آلاف قتيل). وكشف بوتين كيف نُظمت بمساعدة الاستخبارات الروسية خطة لتهريب يانوكوفيتش إلى روسيا بعد رحيله عن العاصمة كييف، موضحاً: "لا يمكنني تقييم عمله. ولم يكن بوسعي توقيع الأمر حول اللجوء إلى القوة ضد المتظاهرين الذين كان بينهم عدد كبير من القوميين المتطرفين المسلحين". وختم بالقول: "ربما كان ذلك جيداً أو سيئاً، إلا أن النتائج خطيرة".