دخلت القضية الكردية والمفاوضات الجارية بين الحكومة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، مرحلة حرجة، مع اقتراب عيد النوروز، ورفع الحكومة سقف التوقعات تجاه رسالة سيوجهها أوجلان من سجنه إلى الأكراد والجناح العسكري ل «الكردستاني». ووصفت الحكومة الرسالة بأنها تاريخية، إذ تتوقع أن يعلن خلالها أوجلان ترك العمل المسلح، في حين ما زالت مصادر في الجناح العسكري تشكك في إمكان تنفيذ ذلك، وتعتبر أنه سيبقى رهن تنفيذ الحكومة «خطوات اتُّفِق عليها مسبقاً». وقال النائب في حزب الشعوب الديموقراطية الكردي سري سريا أوندار، غداة عودته من زيارة لأوجلان نهاية الأسبوع، أن الأخير يعكف على صوغ بيان خطي «تاريخي» سيسلمه لوفد من الحزب، لكي يُعلَن في عيد النوروز، من دون أن يكشف تفاصيله. لكن أوندار أضاف أن الأسبوع المقبل سيشهد الاتفاق على تشكيل سكرتارية للعمل مع أوجلان، من خلال نقل عدد من السجناء من عناصر «الكردستاني» إلى سجن أوجلان للعمل معه، وتُدْرَس الآن أسماء عشر شخصيات كردية وتركية ستُشَكّل ما يسمى لجنة المتابعة التي ستعمل لمراقبة تنفيذ كل طرف ما تعهّد به، خصوصاً النقاط العشر التي طرحها أوجلان لوضع ضمانات دستورية ل «الهوية والمواطَنَة»، في مقابل ترك عناصر «الكردستاني» العمل المسلح. يأتي ذلك بعد إعلان الحكومة سحب نصف مواد قانون الأمن الداخلي الذي احتجّت عليه المعارضة، واشترط الأكراد سحبه لاستكمال التفاوض مع أوجلان. وبدأت خطوات الحكومة في تنفيذ ما تراه المعارضة «شروطاً من أوجلان» تثير غضب التيار القومي وتنعكس ارتفاعاً في شعبيته، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل. وخرج الرئيس رجب طيب أردوغان ليخفف قلق الشارع «القومي» من خلال تلمُّس مخاوفه، إذ قال: «عن أي قضية كردية يتحدثون؟ لا توجد قضية بهذا الاسم. أي حقوق تلك التي يُحرم منها المواطن الكردي في تركيا، وأي حقوق يتمتع بها غيره زيادة عنه»؟ وأضاف أن القضية هي قضية ديموقراطية وحرية، وليس لها طابع قومي أو عرقي. ورداً على تصريحات أردوغان تساءل حزب الشعب الجمهوري المعارض عن سبب التفاوض مع أوجلان، طالما أنه «ليست في تركيا قضية كردية»، وطالب في بيان بمناقشة «القضية» في البرلمان وعبر القنوات السياسية وليس بالتفاوض «السري» مع أوجلان الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بتهمة الإرهاب. إلى ذلك، قال جميل بايك قائد الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني في حديث إلى صحيفة «جمهوريت» المعارضة، أن رئيس المخابرات هاكان فيدان اعترف – خلال مفاوضاته مع أوجلان - بمسؤولية المخابرات التركية عن مقتل ثلاثة من قادة «الكردستاني» في باريس قبل سنتين، لأنه كان يخشى عرقلتهم المفاوضات مع أوجلان.