حذَّر رئيس البرلمان العراقي اياد السامرائي ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي (سنيان) من دخول البلاد في فراغ دستوري اذا نقض نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي (سني) قانون الانتخابات مرة أخرى. وعلى رغم أن الهاشمي لم يصرح علناً بموقفه من القانون الجديد للانتخابات إلا أن مقربين منه أكدوا أنه سينقض القانون اذا لم تعالج مسألة اقتطاع مقاعد بعض المحافظات. وفي غضون ذلك، بحث وفد مشترك من السفارة الأميركية وبعثة الأممالمتحدة في العراق مع مسؤولين عراقيين، على رأسهم الهاشمي والعيساوي، في تداعيات أزمة إقرار قانون الانتخابات، وقدَّم الوفد اقتراحات الى الهاشمي كي لا ينقض القانون مرة ثانية. وتبادل السياسيون العراقيون، خصوصاً السنة، الاتهامات حول اسباب اقتطاع بعض المقاعد من المحافظات ذات الغالبية السنية، مثل محافظة نينوى، وحمّل بعضهم الهاشمي المسؤولية بسبب نقضه السابق للتعديل الاول لقانون الانتخابات، وحذروا من ان أي نقض آخر سيعيد قانون الانتخابات لعام 2005. وقال عمر المشهداني، الناطق باسم رئيس البرلمان اياد السامرائي ل «الحياة»، إن «السامرائي يدعو مجلس الرئاسة الى دراسة عواقب أي نقض، لأن النقض الثاني يحتاج الى نحو 60 في المئة من أصوات البرلمان، أي ثلاثة أخماس اعضاء البرلمان، للموافقة عليه» ودعا «من يريد ان ينقض القانون الى الالتفات الى هذه المسألة والتأكد من وجود توافق يحقق النسبة التي تسمح بمعالجة النقض». واعتبر أن النقض الأول للهاشمي كان «خطأ استراتيجياً لأنه كلف بعض المحافظات ضياع عدد كبير من المقاعد، وعلى الهاشمي أن لا يفعل كما فعل في المرة السابقة». وأضاف «الكرة الآن ليست في ملعبنا. مجلس النواب أنهى الموضوع وأرسله الى مجلس الرئاسة. الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية. وعلى الهاشمي أن يتحمل مسؤولية قراره. من نقض القرار عليه ان يبحث عن طريقة للخروج من هذا المأزق». ويتعين على مجلس الرئاسة الموافقة على القانون او رفضه خلال 15 يوماً من إقراره. ويؤكد الدستور ضرورة أن يتخذ مجلس الرئاسة، المكوَّن من الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي، قراراته بالإجماع وليس بالغالبية. ويمكن لأي عضو في مجلس الرئاسة نقض القانون. لكن الدستور ينص على إمكان نقض القانون مرتين فقط، وإعادته الى مجلس النواب الذي يستطيع تمريره بموافقة ثلاثة اخماس النواب، اي 165 من اصل 275 نائباً. وعلى رغم اعتراف المشهداني بأن النقض حق دستوري لأي من اعضاء مجلس الرئاسة، لكنه أشار الى أن «هناك انقساماً حاداً في البرلمان، ولا يمكن تحقيق نسبة 60 في المئة لقبول النقض أو رفضه، في حال حصوله، ما يجبرنا على العودة الى قانون الانتخابات لعام 2005 بكل مساوئه، أو تأجيل الانتخابات، الأمر الذي يدخلنا في فراغ دستوري ما يفقد جميع مؤسسات الدولة الشرعية». من جهته حذَّر نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي من «الفراغ الدستوري» الذي قد يخلِّفه تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في كانون الثاني (يناير) المقبل، مشدداً على ضرورة «وجود رغبة لدى الأطراف المختلفة بحلحلة الأزمة والوصول الى توافق مرض». وأوضح بيان لمكتب العيساوي أن «العيساوي بحث، خلال استقباله وفداً مشتركاً من السفارة الاميركية وبعثة الأممالمتحدة في العراق، في تداعيات أزمة إقرار قانون الانتخابات والآثار التي قد تواجهها العملية الديموقراطية في البلاد نتيجة التأخر في حسم مسائل التصويت والموافقة والتوصل الى حلول توافقية في شأن قضية النقض». بدوره أكَّد عبد الكريم السامرائي، النائب عن قائمة «تجديد» التي يتزعمها الهاشمي، أنه «اذا لم يعالج الخطأ الذي ارتكبه البرلمان عند إقراره تعديل قانون الانتخابات الذي اقتطع مقاعد من بعض المحافظات، فليس هناك خيار سوى نقضه»، مشدِّداً على ضرورة «معالجة مسألة اختزال مقاعد محافظات نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك وإنصاف تلك المحافظات، وإلا فلا يوجد أي خيار سوى نقض تعديل قانون الانتخابات». وقال عبدالإله كاظم، الناطق باسم الهاشمي، إن الاقتراحات التي قدمها الوفد المشترك من السفارة الأميركية والأممالمتحدة، تنطوي على آلية لتلبية مطالب الهاشمي بمزيد من التمثيل للعراقيين في الخارج في البرلمان. وأضاف أن «هذا القانون أكثر إجحافاً من القانون الأول. لكن اذا كانت هناك آليات عادلة وحقيقية وقابلة للتطبيق، وليست شكلية، تضمن تصويتاً عادلاً لعراقيي الخارج وتضمن عدم اقتطاع أي مقعد من أي محافظة، فسيتم القبول بهذا القانون وهذه الآلية. وبعكسه فإن الاعتراض قادم مرة اخرى». وتابع كاظم أن ممثلين عن الأحزاب الشيعية في العراق زاروا الهاشمي دعماً للآلية المقترحة. وفي 23 الشهر الجاري قبل البرلمان نقض الهاشمي وأجرى تعديلاً على القانون الذي وصفه الهاشمي بأنه «غير دستوري ومجحف ويتناقض مع الأعراف والتقاليد السياسية»، ولمح الى نقضه مجدداً، مؤكداً ضرورة أن «يراعي أي قانون للانتخابات ضمان أصوات العراقيين في الخارج وتمثيل عادل للأقليات، مع المحافظة على مقاعد المحافظات». ويطالب الهاشمي بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والمقيمين في الخارج والقوائم الانتخابية الصغيرة من 5 في المئة الى 15 في المئة في البرلمان المقبل الذي سيضم 323 نائباً. وكان جلال طالباني أشاد بقانون الانتخابات بعد التعديلات التي أجراها البرلمان عليه الاثنين، بعدما لمح نائبه طارق الهاشمي الى نقضه مرة اخرى، في حين حذَّرت واشنطن من تأخير موعد الانتخابات لفترة طويلة. وينص التعديل الأخير (الاثنين) على ان «يصوت العراقيون اينما كانوا لقوائم محافظاتهم او لمرشحيهم على ان يمتثل المصوتون خارج العراق بضوابط التصويت الخاص بالإضافة الى منح كوتا للأقليات من المقاعد المخصصة لمحافظاتهم وهم المكون المسيحي (5 مقاعد في بغداد ونينوى ودهوك وكركوك واربيل) و الايزيديين (مقعد واحد في نينوى) والشبك (مقعد في نينوى) والصابئة (مقعد في بغداد) بينما توزع نسبة 5 في المئة من المقاعد التعويضية بين القوائم بنسبة المقاعد التي حصلت عليها».