وجّه 47 عضواً جمهورياً من الكونغرس رسالة مفتوحة إلى القادة الإيرانيين، فيها تحذير من أنّ أيّ اتّفاق نووي يبرمونه مع إدارة الرئيس أوباما لن يدوم بعد تخلّي هذا الأخير عن سدّة الرئاسة. وبالتالي، يأمل أعضاء الكونغرس الجمهوريّون بأن تحوّل هشاشة الاتفاق مع الرئيس أوباما، التي أشار إليها القائد الأعلى آية الله علي خامنئي بوضوح، دون استمراره لوقت طويل ما لم يحظَ بموافقتهم. والآن، بات تاريخ 15 آذار (مارس)، الذي يكتسب أهمّية خاصّة في المحادثات، قريباً جدّاً، ويستعدّ المتفاوضون للإعلان عن اجتماعات وزاريّة رفيعة المستوى، ستعقدها مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا. وقد تَقرَّر موعد هذه المحادثات في الفترة الممتدّة من 15 إلى 20 آذار في مدينة لوزان السويسريّة، ولكنّه لم يتّضح ما إذا كانت ستشكّل اقتراح إطار عمل للتوصّل إلى اتّفاق أو اتفاقاً شاملاً بحدّ ذاته، بالنظر إلى أنّ المتفاوضين لن يكشفوا عن أيّ تفاصيل على صلة بالمحادثات. بُعيد اجتماع الأسبوع الماضي في مدينة مونترو السويسريّة، غادر وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري الاجتماعات متوجّهاً إلى السعودية، في زيارة وجيزة إلى العاهل السعودي الجديد، وتبعه وزراء خارجيّة الدول المجاورة لإيران، الذين قصدوا الرياض لسماع أحدث المستجدّات من كيري. ومن الرياض، توجّه كيري إلى باريس للقاء نظيريه الفرنسي والبريطاني، وتبادلوا الأفكار حول أحدث مستجدات الملفّ النووي الإيراني، الذي أجرى كيري في شأنه اجتماعات ثنائية مكثفة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال الأشهر القليلة الماضية. ومع الجولات المكثّفة التي يجريها كيري، والمخاوف التي يبديها له أهمّ حلفاء الولايات المتّحدة، يشعر المراقبون أنّ الاتفاق النووي ماضٍ على قدم وساق في حال لم تحصل مفاجأة في الأيام الأخيرة من هذه المحادثات البالغة الأهمية. ومع انهماك العالم بإيجاد إثبات حول ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني سلميّاً أو غير سلمي، تُظهِر إيران قلقاً في شأن الحقبة التالية لإبرام الاتفاق، وفي شأن ضمان نفاذه في السنوات المقبلة. وفي مقابلة مع مجلة «ساده» الصادرة في إيران، أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى ضرورة تحوّل اتفاق محتمل بين إيران وقوى الغرب، حول الملف النووي الإيراني، إلى قرار بموجب المادة السابعة من ميثاق الأمم المتّحدة، فيصبح بالتالي اتّفاقاً دولياً ملزماً لكل الدول. وبرز في هذا الاقتراح، وفي المطالبة بتحويل الاتفاق إلى قرار صادر عن الأممالمتحدة، الموقف الإيرانيّ المشكّك في مرحلة ما بعد أوباما، إذ إنّ قراراً صادراً عن الأمم المتّحدة، التي ستتولّى دور الحماية، سيضمن نفاذ الاتفاق بغضّ النظر عن هويّة الرئيس الأميركي المقبل. وتعتري المهلة النهائيّة الأولى، الواقعة في 24 آذار أهمية كبرى بالنسبة إلى الرئيس أوباما، إذ يريد أن يثبت للكونغرس أنّه تمّ إحراز تقدّم في المحادثات، وأن يمنع أعضاءه من فرض عقوبات جديدة على البرنامج النووي الإيراني بحلول نهاية آذار. ويفيد الطرفان بأنّ استكمال المحادثات لن يعود ضروريّاً، في حال عدم توصّلهما إلى اتّفاق بحلول المهلة النهائية الأولى - في 24 آذار. وتهدد إيران بالانسحاب من المفاوضات في حال نفّذ الكونغرس الأميركي عقوبات جديدة بحقّها. ومن الضروري أن يثبت الكونغرس الأميركي أنّه تمّ وضع حدّ للبرنامج النووي الإيراني بعد سنة ونصف السنة من المحادثات، وأنّ الدولة الإيرانيّة عاجزة عن إنتاج أيّ أسلحة نووية. وقبيل اجتماع 15 آذار في لوزان، وافقت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» على عقد اجتماع تقني في طهران يوم الإثنين 9 آذار. لقد تمّ التوصّل إلى أوّل اتّفاق مرحليّ في سياق المحادثات في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 في جنيف، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل في غضون ستّة أشهر. بيد أنّه تمّ تمديد الاتفاق مرتين منذ ذلك الحين، وبات واضحاً الآن بالنسبة إلى الإيرانيين والأميركيين على حدّ سواء، وكذلك بالنسبة إلى القوى الغربية، أنه في حال لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق في هذه المرة، لن يعود تمديد المحادثات ضروريّاً، وسيكون مصيرها الانهيار. نجهل مدى مرونة القائد الأعلى الإيراني في شأن هذه المحادثات، وإن كان قد اطّلع على تفاصيل اتفاق جاهز مع القوى الغربية، أو إن كان اتّفق معها على اتّفاق من هذا القبيل. وأعرب قادة دوليّون كثيرون عن مخاوفهم في شأن هذا الاتفاق المحتمل مع طهران، وطلبوا من المتفاوضين إيلاء اهتمام لسلوك إيران إقليمياً ودولياً، والعمل، بموازاة تفكيك جوانب خطيرة من البرنامج النووي، على شتّى المسائل الأخرى. في حال كانت إيران قلقة في شأن المرحلة التالية للاتفاق، وتحتاج إلى ضمانات إضافيّة، وفي حال رُفعت العقوبات بُعيد إبرامها اتّفاقاً، وهو سؤال يطرحه كثيرون، من الضروري الاستعداد لحقبة ما بعد العقوبات، والإثبات بأن إيران شريكة أعمال يمكن الاعتماد عليها وهي أمور سيكون تحقيقها ممكناً عبر زيادة مستويات الشفافية باستمرار، وعبر تجنّب السياسة العدائية على الصعيدين المحلي والخارجي، لا سيّما أنّ العدائية على الصعيد الخارجي تولّد الخوف في مجتمع الأعمال، بغضّ النظر عما إذا تمّ أو لم يتم التوصّل إلى اتفاق نووي. تُعتبر المحادثات النووية مسألة تطوير ثقة قبل كلّ شيء، بيد أن العمل لن ينتهي عند التوصل إلى اتفاق نهائي. ومن شأن خطة عمل مشتركة شاملة أن تشكل نقطة انطلاق نحو طمأنة العالم بأن إيران شريكة يمكن أن يثق بها وأن تأتيه بالفائدة.