أعلن علماء أمس (الأربعاء)، اكتشاف حفريات في جنوب شرقي المغرب محفوظة في حال جيدة لكائن ضخم من المفصليات كان يعيش منذ 480 مليون عام. وتضم شعبة المفصليات كائنات لا فقارية منها السلطعون (الكابوريا) والعقارب والحشرات والعناكب وعديدات الأرجل وغيرها. وقال أستاذ الكائنات الحية القديمة في جامعة ييل، بيتر فان روي الذي أشرف على الدراسة التي أوردتها دورية "نيتشر"، إن هذا الكائن كان من أضخم أفراد المملكة الحيوانية في ذاك الوقت، ويصل حجمه إلى ضعفي أي كائن آخر. لكن على الرغم من ضخامة حجمه إلا أنه كائناً وديعاً لا يتغذى إلا على العوالق، وهي الكائنات الحية الصغيرة الطافية على سطح الماء. والاسم العلمي له "ايغيروكاسيس بنمولي" ويبلغ طوله 2.1 متر، ويعتبر آخر أفراد مجموعة من بعض أوائل الكائنات المفترسة التي كانت تعيش منذ نشأة المملكة الحيوانية. وتعد جميع أفراد هذه المجموعة تقريباً من المفترسات النشطة التي تقتنص فرائسها بالاستعانة بزوائد تبرز من رؤوسها. أما "ايغيروكاسيس" فكان ينتهج أسلوباً آخراً في التغذية، إذ كانت زوائده شبيهة بالغربال أو المنخل الذي يلتقط كميات كبيرة من العوالق. وعلى فترات متباعدة من تاريخ نشأة الأرض، كانت مجموعات حيوانية من المفترسات الضخمة تستعين في غذائها بنفس فكرة ترشيح الغذاء أو غربلته، ولم تكن من الكائنات التي تعتمد على أنشطة الصيد. واستغل "ايغيروكاسيس" الانتشار الواسع للعوالق خلال "الحقبة الأوردوفيشية"، وكان في طليعة الكائنات التي بدأت هذا المنحى ليبشر بظهور الحوت الباليني وأسماك القرش التي سادت في العصر الحديث. وقال فان روي "نظراً إلى ضخامة حجم ايغيروكاسيس وكونه من الكائنات الغريبة، أتصور أنه ربما كان يخيف الناس إذا شاهدوه أثناء السباحة، لكن على خلاف جميع أفراد مجموعته المفترسة كان هو لطيفاً ووديعاً". وتميز الكائن بشكل الرأس الشبيه بصاروخ الطوربيد وبجسمه الانسيابي الطويل المكون من 11 قطعة وبمجموعتين من الجنيحات التي تمثل التكوين الأولي الذي نشأت عنه أطراف المفصليات الأكثر تطوراً على جوانب كل جزء من جسمه. وكانت الجنيحات السفلية تستخدم للسباحة وهي ذات تموجات موزونة الإيقاع، أما الجنيحات العلوية فكانت تحافظ على استقرار جسم الكائن واتزانه في الماء ووظيفتها العمل على توجيهه عند السباحة بسرعات عالية. أما التكوينات التي تشبه الأشرطة والتي ربما كانت تعمل على شكل زعانف فكانت تغطي ظهره، وتخصصت زائدتان قرب الفم في مساعدته على نمط التغذية من خلال الترشيح، مع وجود سلسلة من الأشواك التي تصطف على جانبيها تكوينات تشبه الشعر الخشن تستخدم لجمع الكائنات الصغيرة. وقال فان روي "هذا الاكتشاف ينبئ عن أصل المفصليات ومراحل نشأتها الأولى، المفصليات هي أوسع الكائنات انتشاراً وأكثرها تنوعاً من الشكل الظاهري لتصبح أنجح مجموعات المملكة الحيوانية على وجه الارض". وظهرت المجموعة التي ينتمي إليها هذا الكائن للمرة الأولى منذ 530 عاماً، وتقع في موضع منخفض على سلم تطور المفصليات، ما يجعلها من الأسلاف المبكرة لمفصليات العصر الحديث على تنوعها. وينضم إلى العقارب البحرية العملاقة القديمة "جيكيلوبتيروس"، وإلى عديدات الأرجل البرية مثل "آرثروبلورا" بوصفها أضخم المفصليات.