تستعد مدينة محاميد الغزلان في جنوب شرقي المغرب، لاحتضان المهرجان الدولي للرحّل في دورته الثانية عشرة الجمعة المقبل، تحت شعار: «رحّل أفريقيا بين التنوع الإقليمي والثقافة المشتركة... أية آفاق؟». وتَعِد جمعية «رحّل العالم» بأن تكون هذه النسخة متميزة بكل المقاييس، كما سيعرف برنامج التظاهرة الفنية أنماطاً عدة ومختلفة من الموسيقى والغناء والرقص، بحيث تشارك فرق مثل مجموعة «ديبا ديمبا» لمؤسسها البوركيني عبدالله تراوري الشهير بعزفه على الغيتار، والمتميز أيضاً باحترافه الألوان الموسيقية الأفريقية، ويرافقه صاحب الحنجرة الذهبية المغني المالي محمد دبابي. وستكون الفرقة النيجيرية «إثران فيناتاوة» حاضرة خلال أيام المهرجان بمعزوفات تمتزج بلغة الطوارق، وفرقة «إيزا» من النيجر، ورقصة «جويك» المشهورة في شمال البلدان الإسكندنافية، و «عائشة تاشنويت»، و «رباب فيزون» من سوس، و «منات عيشاتة» من كلميم، ورقصة «الركبة» لوادي درعة، إضافة الى مشاركة مجموعة من الفرق الموسيقية الشبابية المحلية. وعلى رغم أن رحّل الجزائروالنيجروالجنوب الشرقي للمغرب من الأمازيغ، مثل سكان مدينة محاميد الغزلان، ويغنون ب «التماشقية» (لغة الطوارق) أو الأمازيغية، فقد أثبتوا تفاعلهم خلال دورات سابقة للمهرجان مع الموسيقى الحسانية التي يعود أصلها إلى الرحّل العرب المستقرين في الصحراء المغربية. وستنظم خلال المهرجان محاضرات ثقافية تتمحور على شعار المهرجان «رحل أفريقيا بين التنوع الإقليمي والثقافة المشتركة»، وتنظيم سباق الهجن (اللز)، ولعبة «الهوكي» على الرمال أو ما يعرف محلياً ب «المكحاش» وطريقة إعداد خبز الرمال (الملة)، والهدف منها إحياء تراث الأجداد وعدم إهماله أمام مؤثرات اقتحمت عادات البدو وتقاليدهم. ويرجع أصل تسمية المنطقة محاميد الغزلان إلى اسم أكبر «دوار» في المنطقة الذي بدوره استمد هذه التسمية بحسب بعض الروايات الشفاهية من كون مجموعة من الغزلان كانت تشرب من وادي درعة وتحديداً في منطقة المحاميد. وتعتبر المنطقة جسراً بين سكان أفريقيا الغربية، وكانت أهم ممر للقوافل التجارية التي كانت تحمل الذهب في اتجاه شمال أفريقيا من الجنوب. كما أنها منطقة استراتيجية للقبائل الرحل، شكلت مجالاً للاستقرار البشري منذ عهود قديمة، والآثار تدل على ذلك ومنها أدوات قديمة وقطع حجرية، ونقوش صخرية منتشرة في المنطقة. سابقاً كان الترحال نمط عيش بالنسبة الى سكان محاميد الغزلان، وهنا كانت قبائل الرحّل تبني خيامها وتجد الكلأ لماشيتها، حول واحة المحاميد. وبعدما تعوّد الرحل على قطع أكثر من ألفي كيلومتر صوب الشمال المالي، لم يعد أمامهم بفعل الحدود إلا نحو 20 كيلومتراً في عمق الصحراء. وتبعد مدينة محاميد الغزلان عن العاصمة المغربية الرباط نحو 600 كيلومتر جنوباً، وهي أبعد نقطة في المملكة المغربية، وتبعد 40 كيلومتراً عن الحدود الجزائرية، مناخها جاف وحرارتها ترتفع إلى 47 درجة صيفاً، وتنخفض إلى 4 درجات شتاءً. وبطبيعتها الصحراوية، تشهد في أوقات من السنة رياحاً عاتية وزوابع رملية. وتتوزع على مشارف المنطقة أشجار النخيل من الجانبين، في صحراء تتوسطها أبنية مترامية هنا وهناك على ضفتي وادي درعة، تشكل مجتمعة منطقتي محاميد البالي ومحاميد الجديد. في هذه المنطقة تمتزج الثقافات منذ قديم الزمن، فإلى جانب القبائل الحسانية المتنوعة، هناك سكان يشكلون إمتداداً تاريخياً لقبائل أمازيغية عريقة. وإضافة إلى انخراطهم في سلك الجندية، يتوجه عدد من شباب المنطقة إلى العمل في السياحة، وتسعى مهرجانات الرحّل الدولية التي تعرفها المنطقة الى فك العزلة التي تعانيها.