شهدت بوابة جامعة المستنصرية في بغداد، تجمعاً لعشرات الطلاب الذين مُنعوا من دخول الحرم الجامعي بسبب عدم التزامهم بالزيّ الموحد، بعد قرار الجامعة فرض زيّ موحدّ إلزامي داخل حرمها. التجمّع حدث بعد تعليمات صدرت عن وزارة التعليم العالي بخصوص الزي الموحّد المفروض على طلبة الجامعات العراقية، لكن الأخيرة لم تلتزم جميعها تطبيقها، إذ انقسمت الجامعات بين التأييد أو الرفض الذي وصل الى حدّ السخرية. أحد أساتذة الجامعة قال: «نؤيد القرار بشدّة لأننا في الفترة الأخيرة لم نعد نميّز بين الطالب والأستاذ من ناحية الزي، وقد بات الكثير من الطلاب يرتدون ملابس لا توحي بأنهم قادمون الى جامعة ومؤسسة أكاديمية». في المقابل، يرى بعض الطلاب أن قراراً من هذا النوع يشكّل أهمية باعتباره وسيلة لضبط حالات المبالغة في ارتداء الملابس غير اللائقة أو في التفاخر بالمظاهر والثراء، ما يسبّب الحرج بسبب الفوارق التي تبرز بشدة بين الطلاب وتؤثر سلباً في الأجواء الجامعية. ويقول مصطفى محمد وهو طالب في كلية التربية: «لقد خرج الأمر عن وضعه الطبيعي بسبب المبالغة في ارتداء الألوان التي لا تليق بالحرم الجامعي، بالإضافة الى سيادة موضة استعراض المظاهر والإمكانات المادية داخل الكليات على حساب الطلبة الذين لا يمتلكون إمكانات كهذه» . ويشارك طالب آخر زميله بقوله، إن الزي الموحد «سيجعل هوية الطالب الجامعي أكثر وضوحاً وأفضل، لكننا في الوقت نفسه نتحفّظ بشدة على قرار من هذا النوع وفي هذا الوقت بالذات، لأن العام الدراسي يكاد ينتهي، وهذا القرار سيثقل كاهل الطلاب، خصوصاً من أبناء المحافظات البعيدة، أو ذوي الإمكانات المتواضعة أصلاً». الطالبة ميسم فريد تقول، إن «فرض زيّ موحّد على الطلاب هو قرار ظالم جداً، ثم ما شأن الزي الموحد بمنع ارتداء الجينز أو البناطيل للطالبات؟». وتضيف: «اليوم، يديرون مؤسسة أكاديمية رصينة أُسست لغرض العلم والمعرفة، وفق فهم تشريعي بإسم الدين». آلاء حسن، وهي خريجة ماجيستير ولها تجربة دراسة خارج العراق، تقول إن الزي الموحد هو من القضايا القديمة التي تجاوزتها المؤسسات الأكاديمية في الدول المتقدّمة، وإن الجامعات العراقية تحاول منذ مدة خلق أزمات جديدة تشغل الطلاب ونفسها بها وتضيّع الوقت. وتضيف: «العراق بلد يعاني الأمرّين أصلاً وفي حاجة كبيرة الى تطوير الواقع وتغييره من خلال مؤسسات تتبنى ذلك، لكننا نجد العكس، فبدل الاهتمام بتطوير مجالات البحوث العلمية والمستوى الأكاديمي، تنشغل الجامعات وكوادرها بقضايا ثانوية أكل الدهر عليها وشرب، مثل ملاحقة الطلاب بسبب ملابسهم أو التدخل في قضايا سلوكية شخصية بحجة الأخلاق والأعراف الاجتماعية والتقاليد». ويشاطر حسن كامل، وهو طالب متخرج حديثاً في الجامعة المستنصرية تم قبوله لدراسة الماجيستير في إحدى الجامعات البريطانية، زميلته الرأي ويقول: «من المضحك أن تفرض جامعة زياً معيناً ومحدداً على الطلبة بهوس محموم، وكأن القضية مهمة الى هذا الحد، ثم إن قضية المساواة بين الطلاب من خلال فرض الزي، لا تؤثر في أي شكل من الأشكال في الفروقات بين الطلاب. فابن العائلة الثرية سيستطيع شراء ملابس فاخرة بماركات عالمية تتناسب مع الألوان نفسها المفروضة ضمن قرار الزي وارتداء ساعات فاخرة، في حين يبقى الطالب الفقير يرتدي ملابس بسيطة».