50 سنة مرّت على أغنية «ساوند أوف سايلانس» (صوت السكوت أو الصمت) التي كتبها بول سايمون وأداها مع زميله في فرقة «سايمون أند غارفنكل» آرت غارفنكل. أغنية عبّرت قبل 50 سنة عن ضعف التواصل بين البشر الذي ازداد حدةً في الأيام الحالية. وعلى رغم أن هذه الأغنية أثارت جدلاً حول مناسبة إطلاقها ومضمونها حين قال كثر إنها تعبّر عن السكون الذي حصل بعد مقتل الرئيس الأميركي جون كينيدي لأنها أطلقت بعد ثلاثة أشهر على عملية الاغتيال، أوضح سايمون في مقابلات كثيرة أن «ساوند أوف سايلانس» لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بهذا الحادث، بل هو كتبها عندما كان جالساً في الحمام مطفئاً الأضواء، وقد صار هذا مكانه المعتمد لكتابة الأغاني. أطلقت فرقة «سايمون أند غارفنكل» ألبوم «ونزداي مورنينغ ثري إي إم» عام 1965، لكنه لم ينجح، بل اعتبر فشلاً كبيراً. غير أن هذه الأغنية التي كانت ضمن الألبوم، بدأت شيئاً فشيئاً تعرف طريقها إلى الأثير عبر الإذاعات في ولايات أميركية كثيرة، الأمر الذي دفع منتج «ساوند أوف سايلانس» إلى إعادة توزيعها بإضافة بعض الأصوات الكهربائية إليها بالتعاون مع الموسيقيين الذين عملوا مع بوب ديلان في أغنيته الشهيرة «لايك إي رولينغ ستون». وفي أيلول (سبتمبر) 1965، أصبحت الأغنية تحتل المراكز الاولى لدى الإذاعات و «بيلبورد هوت 100»، وهو ترتيب أسبوعي في الولاياتالمتحدة وفقاً للمبيعات وعدد المرات التي تبث خلالها الإغاني ويؤخذ من مجلة «بيلبورد». وكانت الأغنية «نجمة» فيلم «ذا غراديويت» (المتخرّج) الذي أخرجه مايك نيكولز (1931-2014) وحقق نجاحاً كبيراً عام 1967. وبالعودة إلى كلمات الأغنية، كان التواصل بالنسبة إلى بول سايمون مهماً جداً لانه اعتبر أن غيابه يؤدي إلى انعكاسات سلبية على العلاقات بين الناس. وعلى رغم أنه في ذلك الوقت لم تكن الأجهزة الالكترونية قد اجتاحت العالم بعد، كان «سكوت» عظيم يعم الناس، والسكوت هنا ليس الامتناع عن التكلّم فحسب، بل افتقار الأحاديث إلى عمق الأفكار والمضامين. ولعل سايمون توقع قبل 50 سنة السكوت المخيّم الآن، وعلم إلى أي درجة من السخف ستصل الأحاديث النابعة من العقول الفارغة. فلا يرى أحد احداً إلا وهو منحني الرأس يتحدّث عبر شاشة صامتة إلى أشخاص منحني الرؤوس مشغّلين أياديهم بلمس أحرف لغة ابتكروها بأنفسهم... يعيش العالم في عصر اللغة الصامتة التي تتكلّم عبر أجهزة لوحية، توحي بأن الناس الذين أصبحوا يتكلّمون بأصابعهم وأعينهم أكثر من أفواههم التي لا يستخدمونها إلا لتوزيع الابتسامات خلال أحاديثهم، يتكلّمون إلى أصدقاء وهميين غير موجودين إلا وراء الهواتف الذكية.