لم تستطع الحرب الدائرة في منطقة جازان التأثير سلباً في طبيعتها البكر أو تشويه معالمها وخصوصياتها، ولا أدل على ذلك من منطقة الحرث التي تواصل أمطارها المستمرة وأشجارها المعانقة للسحاب جذب الزوار. وتعد المتنزهات من أهم مصادر الجذب السياحي وعلى رأسها المتنزه الرباني «الخشل»، الذي لم تتدخل في تشكيله يد البشر، كما يضفي عليه مسحات من الجمال وجود طيور الحجل واليمام، إضافة إلى متنزه المعطن الذي تتفجر فيه العيون بالمياه الحارة التي تنساب في بعض الأودية ومنها «دهوان وذهبان» متوحدة مع أشجارها الكثيفة في مشهد يخلق السياحة، ومرتفعات متوسطة يستطيع الزائر خلالها مشاهدة معظم أجزاء المحافظة. وعلى رغم أن وادي تعشر شمال سوق الخوبة الشهير الذي طالما أدهش زواره على مستوى الخليج بما يعج به من أنواع نادرة للحيوانات ونباتات عطرية ومقتنيات تراثية وحديثة، قد أخلي من السكان لقربه من مواقع القتال مع المتمردين، إلا انه يبقى محافظاً على خصوصية جماله، واعداً الجميع بعودة قريبة. كما تشكل بعض الحرف كالزراعة وصناعة الفخار مصادر دخل رئيسة لأهالي الحرث، خصوصاً زراعة الموز والمانجو والسفرجل. ويقول احد المناوبين على زيارة هذا الوادي الخلاب محمد علي احمد: «تنقلت كثيراً بين دول العالم ولكنني أجد لبلدي طعماً خاصاً في التنزه، لان الطبيعة بكر من دون تدخل من الإنسان». وأضاف أن متنزه الخشل دائماً ما يكون مكتظاً بالزوار لدرجة ألا يجد المتأخر موقعاً لحط رحاله، إلا أنه في الوقت الراهن تركه الناس للطيور وبعض الحيوانات التي فرت من آثار إطلاق الرصاص من المتمردين الحوثيين. ويقول محمد الكعبي مراسل لإحدى الصحف الذي جاء لزيارة أهله وللتغطية الإعلامية للأحداث الجارية: «لم ولن أجد أفضل من ديرتي التي تربيت فيها على رعي البقر واللعب تحت زخات المطر، وها أنا أحنّ إليها لأعود وأجد الوضع مختلفاً، ولكنني أسعد عندما أشاهد جنودنا البواسل وهم يدكون خنادق الأعداء ويحمون حدود بلادنا الطاهرة من تدنيس هؤلاء الحثالة». وأعلن بعض مشايخ القرى في المحافظة الحرب ضد الحوثيين، وقالوا: «نحن فداء للوطن وسنحميه ونفديه بأرواحنا وأبنائنا، ونحن رهن إشارة ولاة الأمر والموت للدفاع عن الوطن». واعتبرت مجموعة من رجال الأمن أن هذه فرصة لا تعوض في سبيل الدفاع عن الوطن، وأنهم لن يتوانوا عن تلبية النداء حيثما كانوا ومهما كلفهم الأمر.