شددت السعودية على أن التزامها بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ينطلق من منهجها الراسخ المستمد من الشريعة الإسلامية التي أوجبت حماية حقوق الإنسان، وحرمت انتهاكها على نحوٍ يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع، مؤكدة أن الأمن والاستقرار والازدهار عوامل أساسية في مسيرتها الحضارية نحو تنمية مستدامة تحترم حقوق الإنسان، وتحميها من خلال سن الأنظمة واللوائح، وإنشاء المؤسسات الحكومية ودعم مؤسسات المجتمع المدني. وأوضحت في كلمة لها ألقاها رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان، خلال افتتاح الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (الإثنين) - بحسب وكالة الأنباء السعودية - أنه «في إطار تطوير مرفق القضاء صدر أخيراً أمر ملكي، يقضي بتشكيل لجنة متخصصة لإعداد مشروع مدونة للأحكام القضائية وتصنيفها على هيئة مواد تستند إلى أبواب الفقه الإسلامي، كما صدرت اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية المعدل، التي تضمنت أحكاماً تنفيذية خاصة بإجراءات الاستدلال والقبض على المتهمين، وتفتيش الأشخاص والمساكن وإجراءات التحقيق، وغيرها من الإجراءات الجنائية، على نحوٍ تفصيلي دقيق، وذلك في إطار تعزيز حقوق الإنسان». وأشار العيبان إلى أن «صدور نظام حماية الطفل، يهدف إلى مواجهة الإيذاء والإهمال الذي يتعرض لهما الطفل، ويؤسس لمنظومة حماية متكاملة لكل من لم يتجاوز ال 18من عمره، كما تم إصدار القواعد التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء، في إطار مكافحة العنف الأسري». وأضاف، أنه «امتداداً لجهود حكومة المملكة في دعم مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها بفاعلية، صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بدعم جميع مؤسسات المجتمع المدني المسجلة بمبلغ بليوني ريال، ودعم مجلس الجمعيات التعاونية بمبلغ 200 مليون ريال، ودعم الجمعيات المهنية المتخصصة بمبلغ 10 ملايين ريال لكل جمعية، إضافة إلى الدعم السخي للأندية الأدبية والأندية الرياضية». ... وتقدم تقاريرها الدورية ضمن اتفاق مناهضة التعذيب في ما يتعلق بالمعاهدات الدولية والتعاون الدولي، قال العيبان: «إن السعودية قدمت تقاريرها الدورية ضمن اتفاق مناهضة التعذيب للجنة المعنية، ويجري العمل حالياً على إعداد التقارير الدورية الخاصة باتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري». وأكد أنه «في إطار تنفيذ توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل، تم تكليف الجهات الحكومية ذات العلاقة، بتنفيذ التوصيات التي أيدتها المملكة ضمن الجولة الثانية للاستعراض الدوري الشامل، ودخل معظم تلك التوصيات حيز التنفيذ». وفي ما يتصل بالتعاون مع الإجراءات الخاصة التابعة للمجلس، «رحّبت السعودية بطلب زيارة المُقرِّرة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للرق وأسبابه وعواقبه أورميلا بولا». وأضاف رئيس هيئة حقوق الإنسان أن «ما يشهده العالم اليوم من تصاعد وتيرة الإرهاب وتنامي جذوره خطر حذرت منه المملكة، وعملت على التصدي له بجميع السبل، ودعت إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهته، واستمراراً للدعم الذي قدمته لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، قدمت أخيراً دعماً بمبلغ 100 مليون دولار للمركز، لمساعدته على القيام بمهماته على الوجه المطلوب». وأفاد أن «حكومة المملكة أكدت إدانتها للاعتداءات والجرائم الإرهابية الآثمة، مثل الاعتداء على مجلة شارلي آيبدو، وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقتل مواطنين يابانيين، وقتل 21 مواطناً مصرياً في ليبيا، وهذه أمثلة على جرائم إرهابية تتنافى مع مبادئ الإسلام التي تدعو إلى العدل، وحماية النفس البشرية، والتسامح، وعمارة الأرض، وهو ما أكد عليه المؤتمر العالمي (الإسلام ومحاربة الإرهاب) الذي استضافته المملكة الأسبوع الماضي في مكةالمكرمة، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي أكد في كلمته الافتتاحية للمؤتمر ضرورة التصدي للإرهاب ومحاربته، ودعم الجهود الدولية للقضاء عليه، وضرورة تصدي العلماء والمثقفين له، ومواجهته فكرياً بالسبل والوسائل كافة». وقال العيبان: «إن من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان التي ما زالت قائمة في عالمنا اليوم هي تلك الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والمتمثلة في قتل المدنيين، لاسيما النساء والأطفال، والاعتقالات التعسفية، وممارسة التعذيب، وهدم المنازل، والتمدد الاستيطاني، وتهويد القدس، وتجريد الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، في تعدٍ صارخ على قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وعلى مرأى من العالم أجمع». ... وتدين استخدام نظام دمشق الأسلحة المحرمة دولياً ضد شعبه وفي ما يتعلق بالوضع في سورية، أوضح رئيس هيئة حقوق الإنسان أنه «ما يزال المجتمع الدولي يقف مكتوف الأيدي أمام ما يتعرض له الشعب السوري من جرائم بشعة على يد النظام الفاقد لشرعيته، الذي ما زال يشنّ هجماته الوحشية التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، مستخدماً في ذلك كل أنواع الأسلحة والعتاد، بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً، فضلاً عن تهجير الملايين من أبناء شعبه». وأشار إلى أن «عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم لوضع حد لتلك الجرائم الوحشية التي يرتكبها هذا النظام ضد شعبه، هو السبب الرئيس لنشوء الجماعات الإرهابية المسلحة التي وجدت في سورية بيئة خصبة للإرهاب، ما فاقم مأساة الشعب السوري ومعاناته». وشدد على أن «حرية التعبير لا ينبغي أن تكون ذريعة لانتهاك حقوق أخرى، باعتبار أن حقوق الإنسان متكاملة ومترابطة، وأن عدم الأخذ بمبدأ التقييد النظامي المتسق مع المعايير الدولية، التي نصت على أن حرية التعبير مقيدة بعدم الاعتداء على حقوق الآخرين أو النيل من كرامتهم أو معتقداتهم، أو مخالفة النظام العام أو الآداب العامة، من شأنه تغذية التطرف المؤدي إلى الكراهية والعنف، وأن الواقع ينافي القول بإمكان الفصل في كل الأحوال بين حرية التعبير وردود الأفعال عليها». وأضاف أن «وفد المملكة يؤكد ضرورة مضاعفة الجهود للتصدي لظاهرة ازدراء الأديان والمعتقدات ورموزها، ومن ذلك وفاء الدول بالتزاماتها، وفقاً للاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، كما أن اختلاف ثقافات بلدان العالم حقيقة ماثلة وواقع معاش، وأن محاولات فرض ثقافات وممارسات بعينها على المجتمعات في مسائل حقوق الإنسان تتنافى مع الطبيعة البشرية التي أرادها الخالق - جل وعلا - أمر غير ممكن، ولذا ترى حكومة المملكة ضرورة مراعاة التنوع الثقافي واستثماره في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وأن يدخل ذلك ضمن مفهوم «عالمية حقوق الإنسان». وأكد ضرورة أن يضطلع مجلس حقوق الإنسان بالمهمات المنوطة به، لاسيما تحسين حالة حقوق الإنسان في العالم، على نحو موضوعي وغير انتقائي، والحرص على أن تعتمد قرارات المجلس بالتوافق، وأن يتم الوقوف بحزم لكل محاولة تسييس لتحقيق مصالح بعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان تؤدي إلى اتساع الهوة بين الحضارات والثقافات التي تمثلها الدول في هذا المجلس.