لن يتبادر إلى ذهن المشتري في السوق الشعبية النسائية في الأحساء، أن أم يوسف التي تبيع مستلزمات نسائية، تتراوح بين الملابس وأدوات الزينة، تحمل شهادة البكالوريوس من قسم الاقتصاد في كلية الزراعة في جامعة الملك فيصل ولا تشعر أم يوسف وزميلاتها الجامعيات الأخريات ب «الأسى» لأنها تحمل شهادات جامعية، ويعملن في مهنة «بائعات»، ولكن ظروف السوق ونقص الخدمات فيها، وهو ما يبعث في نفوسهن هذا الشعور. وتقول أم يوسف، التي تخرجت في الجامعة قبل نحو 13 عاماً: «لم أحصل على وظائف في القطاعين الحكومي والخاص، فعملت هنا لإعالة أسرتي، المكونة من والدتي الكبيرة في السن وأخوتي الصغار». وعلى رغم إقرارها بأن دخلها من البيع «مناسب»، فأنها وزميلاتها البائعات يشكون من «صعوبات تواجهنا بين فترة وأخرى في السوق الشعبية، وتكبدنا خسائر مادية متواصلة، بسبب قرارات أمانة الأحساء بنقلنا من مكان إلى آخر. ولم نحصل على مكان خاص في سوق السويق الواقعة في الهفوف». وتشير إلى جانب من الخسائر المترتبة على التنقل الدائم «ندفع بين 300 إلى 700 ريال للعمال الذين يقومون بحمل الصناديق والمظلات والحديد الخاص ببساطتنا، ويتفاوت السعر بحسب الكمية. كما نعطي صاحب السيارة الذي يقوم بالنقل مبلغ مئة ريال». كما تشير إلى خسائر يتكبدنها بسبب «السرقات التي يقوم بها مجهولون، فنحن نخسر بين ألف وألفي ريال، تتمثل في البضائع المسروقة». وأعلنت أمانة الأحساء أخيراً، عن مشروع لإنشاء سوق شعبية، مخصصة للنساء، بلغت كلفة إنشائها 3.5 مليون ريال، وتقع على مساحة 15 ألف متر مربع، وتحوي 134 بسطة للبائعات. وتقول أم يوسف: «وافقنا على الانتقال إلى هذه السوق، ولكن فوجئنا بتغيير مكانها إلى موقع خلف مباني سوق السويق، وهو مكان شبه معزول، فضلاً عن أنه محاصر من ثلاث جهات بمنازل قديمة، يسكنها عمال وافدون، ما يجعلها غير آمنة للنساء». وتنتقد البائعة أم عبدالله، السوق الجديدة، لكون محالها «صغيرة جداً، فعرض الواحد منها متر، وطوله متران، وهي بالكاد تكفي لعرض نصف البضاعة، ولن تجد البائعة مكاناً تجلس فيه». وتقترح على البلدية «دمج محلين في محل واحد، لتكون أكثر اتساعاً». كما تشير إلى كون موقع السوق غير آمن. وتقول: «كانت الأسواق السابقة التي انتقلنا إليها بين منازل العوائل، وكنا نتعرض فيها إلى السرقات، فكيف تكون الحال في مكان شبه معزول، ففي أحد الأيام، تعرضت بضاعتي إلى السرقة من جانب مراهقين، ألقت الشرطة القبض عليهما، عندما كانا يهمان بكسر قفل صندوق البضاعة، بقصد السرقة». وتدعو البائعتان أم عبد الرحمن وأم تركي، أمانة الأحساء، إلى مراعاة البائعات، لكونهن «أرامل ومطلقات، وينفقن على أيتام، ويواجهن ظروف الحياة القاسية. وتقولان: «الموقع الجديد ليس له سوى مدخل واحد»، مطالبة بأن يكون موقع السوق «غير محاط بمنازل، ففي المواقع السابقة، تعرضنا إلى التهديد من جانب سكان المنازل، لرفضهم جلوسنا أمام بيوتهم، وقد هددونا بحرق بضاعتنا. وقدمنا شكوى إلى محافظة الأحساء، عن تلك المشكلة والمعاناة». وعاشت أم عوض، «رحلة الشتات» مع المواقع المختلفة، التي انتقلت إليه السوق طوال سنوات عملها فيه على مدى 35 عاماً. وتقول: «كان لدي محل صغير في سوق «القيصرية»، لبيع ملابس النساء والأطفال، وأصبت قبل احتراق السوق بأيام قليلة، بمرض في القلب وارتفاع السكر، وعند خروجي من المستشفى فوجئت بخبر الحريق. وبدأت رحلة الشتات لي ولزميلاتي».