من مهارات التدريس التي لا يلتفت إليها كثيراً، على رغم أهميتها في ميدان التعليم، مهارة طرح الأسئلة من المعلم على طلابه، أتذكر كتاباً قرأته منذ سنوات عند دخولي المدرسة كمعلم، وقد نسيت اسمه وضاع في زحمة الكتب، كان يتحدث عن صياغة الأسئلة، وكيف تُطرح من المعلم حتى ينجح في استثارة طلابه للتفاعل مع الدرس، ما زلت أحتفظ ببعض ما جاء فيه. فمن الأهمية بمكان أن يلم المعلم بمهارة طرح الأسئلة، فليس كل سؤال يطرحه يمكن أن يكون مناسباً للتلاميذ، فالسؤال الجيد هو الذي يكون مناسباً لتفكير الطلاب حتى يثير أفكارهم ويكون خالياً من الألفاظ المعقدة، ولا يكون طويلاً مليئاً بالتساؤلات، وهو سؤال واحد، ولا يكون غامضاً غير محدد الإجابة فيتوه الطلاب في البحث عن إجابة صحيحة، وألا يكون السؤال يهدف إلى قياس مدى حفظ الطلاب فقط على حساب فهمهم واستيعابهم، ولا يكون من الأسئلة التي تكون إجابتها بكلمتين (نعم، لا). كما أن المعلم الجيد هو الذي يجذب انتباه الطلاب قبل طرح السؤال، ومن ثم يطرحه على الجميع حتى يضمن مشاركة كل طلابه، ولا يختار طالباً بعينه ليجيب عن سؤال بعدما يطرحه، بل يطرح السؤال بكل وضوح ثم ينظر إلى كامل الصف، ثم يختار من يشاء من الطلاب، ولا يخرج طالباً لم يرفع أصبعه ليشارك، ولكن في الوقت نفسه لا يهمله بل يشركه ولو في إعادة الإجابة، أو إعادة طرحه السؤال لإخراجه بلطف من خجله أو عزلته. ولا يسأل المعلم الصف وهناك حركة وفوضى، ولا يميل إلى طرح السؤال عن طريق الدور، بحسب ترتيب جلوس الطلاب، ولا يفرط في استخدام اللهجة المحلية في طرح السؤال، فهناك من قد لا يفهم لهجة المعلم، وللمعلم أن يستخدم السبورة أو وسيلة ورقية يكون قد كتب السؤال عليها، ولا يحاول أن يعنف تلميذاً لم يجب، ولا يسخدم كلمة «أخطأت» بل يستعمل جملاً تربوية «ليس صحيحاً، اقتربت من الإجابة، جيد ولكن أريد إجابة أحسن، ستصل لإجابة أميز، وهكذا، ومن أجاب فيجب أن يمنحه فرصة الاحتفاء بما أنجز من إجابة بالتصفيق له، أو تحفيزه مادياً، أو تدوين اسمه على السبورة، أو في لوحة الشرف، هذا ما جمعته لكم من جعبتي هذا اليوم، وقد نلتقي في موضوع تربوي آخر.