الفيلم التلفزيوني القصير الذي تعرضه القناة الفرنسية الثانية هذا المساء، ضمن برنامجها الأسبوعي «حكايات قصيرة» يحمل عنواناً قصيراً هو «... بعد». وهذا العنوان في حد ذاته يضيّع المتفرج، بخاصة إذا كان سبق له أن شاهد فيلم اللبنانيين الطويل جوانا حاجي توما وخليل جريج، «أريد أن أرى» (أو «بدي شوف»)، الذي عرض في «كان» قبل عامين، والذي يصور رحلة الى الجنوب اللبناني المدمر بفعل الحرب الاسرائيلية على لبنان عام 2006، تقوم بها النجمةالفرنسية كاترين دونوف، في رفقة، وفي سيارة الممثل اللبناني ربيع مروة. وسبب الضياع هو أن «...بعد» من دون أن يكون هو هو «بدي شوف» يكاد يبدو جزءاً منه، ما ينفي - أصلاً - فكرة أن يكون قد صور من بعده، علماً بأن الشريط التلفزيوني يحمل الموضوع نفسه والممثلين دونوف ومروة، والرحلة نفسها. والحقيقة أنه، بصرف النظر عن التشابه المطلق بين الفيلم السينمائي وهذا الشريط التلفزيوني القصير (45 دقيقة)، لسنا أمام فيلمين متتابعي الأحداث بل أمام فيلم جديد ركّب من مشاهد تنتمي الى الفيلم الطويل، بعضها استخدم في «بدي شوف» وبعضها لم يستخدم. وهكذا ولد هذا الشريط المُركّب، الذي يرينا من جديد ربيع مروة وهو يحاول أن يري زميلته الفرنسية بلده، الذي يبدو واضحاً انه هو نفسه لم يعد يعرفه، فيما نرى كاترين دونوف، بوجهها الذي يكاد لا يعبر عن شيء، تسعى الى أن ترى أكثر «مما تسعى كي تفهم ما يحاول مروة أن يشرحه لها» - بحسب تعبير أحد النقاد الفرنسيين -. إذاً، ليس هنا شيء جديد ولا ثمة شيء مفاجئ... لكن التجربة تستحق التوقف عندها والمشاهدة، وحتى انطلاقاً من منطق كان يرى ان «بدي شوف» نفسه كان فيه شيء من التطويل، قبل تسارع نهايته بشكل غير منطقي. فربما يبدو الشريط التلفزيوني هنا وقد أصلح الأمور وضبطها بعض الشيء. * «القناة الفرنسية الثانية»، 22.25 بتوقيت غرينتش.