استبعد محللون أن تُؤثر الخلافات التي ظهرت في الفترة الأخيرة بين الحكومتين التونسية والفرنسية في شأن ملفات حرية الصحافة وحقوق الإنسان، في استمرار تدفق الاستثمارات الفرنسية على تونس. ورأى رئيس غرفة التجارة التونسية - الفرنسية فؤاد الأخوة، أن مشاريع البنية التحتية، والمشاريع العقارية والسياحية المقرر تنفيذها في الفترة المقبلة، تمنح فرصاً واسعة للمجموعات الفرنسية لزيادة حضورها في البلد. وأسفرت اللقاءات التي شهدتها الغرفة بين رجال أعمال من البلدين أواخر الشهر الماضي، عن خطط لإنشاء مشاريع مشتركة. وتحتل فرنسا المرتبة الأولى بين المستثمرين الأجانب في تونس، إذ ارتفع عدد المشاريع التي نُفذت باستثمارات فرنسية إلى 1200 مشروع. لكن جدلاً علنياً ثار بين الحكومتين اللتين تعتمدان مواقف متقاربة من الملفات الدولية الكبرى، بعد اعتقال صحافيين وناشطين في تونس الأسبوع الماضي، ما قاد إلى تراشق بالبيانات الصحافية بين وزارتي خارجية البلدين. إلا أن الجفاء السياسي لن يؤثر في الحد من كثافة الاستثمارات الفرنسية في تونس، وحض رجال الأعمال الفرنسيين على التعاطي مع تونس ليس فقط بوصفها ملجأ لنقل المصانع إليها هروباً من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على بلدهم، إنما باعتبارها جسراً إلى الأسواق العربية المجاورة، خصوصاً بعد توصل تونس والأردن ومصر والمغرب إلى اتفاق لإقامة منطقة للتبادل الحرة بينها. وتعتبر تونس شريكاً تجارياً مهماً لفرنسا على رغم عدد سكانها المتواضع (10 ملايين) قياساً على جيرانها، وقُدر حجم المبادلات الثنائية ب 7 بلايين يورو، ما يوازي حجم المبادلات مع المغرب الذي يزيد عدد سكانه على ثلاثين مليون شخص. وترتبط 12000 مؤسسة اقتصادية فرنسية بعلاقات مع تونس، في مقابل 8000 مؤسسة فقط في الصين، و7000 في تركيا، و3000 في الهند. ووضعت فرنسا أخيراً خط اعتماد قيمته 40 مليون يورو، لإقراض المؤسسات التونسية، التي ترغب في شراء منتجات فرنسية. لكن مستثمرين فرنسيين أبدوا اهتمامهم بمشاريع البنية الأساسية والعقارات المقرر إنجازها خلال السنوات المقبلة. وقال رئيس مجموعة «يوبيفرانس» في تونس جاك توريغروسا في تصريح الى «الحياة» إن الامتيازات الضريبية، وتوافر يد عاملة مدربة، يشكلان عنصري القوة الرئيسين اللذين يستقطبان المجموعات الأجنبية لفتح مصانع أو فروع لها في البلد. وأظهر مندوبو مجموعات فرنسية شاركت في لقاءات الغرفة، اهتماماً خاصاً بالمشاريع البيئية المقررة، بخاصة إقامة محطتين للتطهير في ضواحي العاصمة تونس بقيمة 61 مليون يورو، ومحطة لتحلية المياه في جزيرة جربة (جنوب) كلفتها 36 مليون يورو، وثانية في قابس كلفتها 38 مليون يورو، ومشروع حماية السواحل البحرية، الذي قُدرت كلفته ب 25 مليون يورو، إضافة إلى مشاريع في قطاع الطاقة، بينها إنشاء محطة لتوليد الكهرباء في هوارية (شمال) بقيمة 526 مليون يورو، وثانية في غنوش (جنوب) كلفتها 263 مليون يورو، ومصفاة للنفط في الصخيرة (جنوب) بقيمة 842 مليون يورو. ولوحظ أن مشروعين تعهدت إقامتهما مجموعات خليجية عُرضا أيضاً على مستثمرين فرنسيين خلال اللقاءات للمساهمة في تمويلهما، وهما مرفأ تونس المالي، الذي باشرت تنفيذه مجموعة بحرينية، و «مدينة الاتصالات» و قُدرت كلفة كل منهما ببليوني يورو.