دعا المؤتمر الدولي للتنمية الإدارية الأول، الذي نظمه معهد الإدارة العامة أخيراً، إلى وضع معايير ومؤشرات القياس لتقويم أداء الأجهزة الحكومية وقياس مساهمتها في تحقيق الأهداف التنموية، وتفعيل مفاهيم وآليات المحاسبة والشفافية والمساءلة، مع إجراء الدراسات والبحوث التشخيصية لواقع المؤسسات الحكومية والاهتمام بدراسات السياسات العامة والاستراتيجيات، إضافة إلى الارتقاء بالقيادات الإدارية في القطاع الحكومي، وذلك ببناء ثقافة التعلم المستمر والتركيز على التأهيل والتدريب. وأوضح أن تحقيق الأداء المميز في القطاع الحكومي يتطلب الاستفادة من البيئة الداعمة في ظل قيادات سياسية واعية تدعو إلى التطوير والإصلاح، من خلال تطوير أداء المؤسسات الحكومية وربطها بالتوجهات الاستراتيجية للدولة، مع تسريع آلية اتخاذ القرارات، وتطوير منظومة الإدارة المحلية بشكل تدريجي، للحد من المركزية وتمكين المناطق من إدارة أنشطتها وترسيخ مبادئ الإدارة المحلية. وأوصى بجعل متلقي الخدمة الحكومية محور تركيز واهتمام استراتيجيات تطوير الأداء وتحسين الخدمة في القطاع الحكومي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص من جهة، والحكومي ومؤسسات التنمية الإدارية من جهة أخرى، وتطبيق مفاهيم إدارة المعرفة والاستفادة من تقنيات المعلومات ودعم الكوادر البشرية، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية. وناقش المؤتمر الذي تزامن مع احتفالية المعهد بمرور 50 عاماً على إنشائه في جلساته على مدى ثلاثة أيام قياس الأداء الحكومي، والتوجهات والأساليب الحكومية في تطوير أداء المنظمات، والدور المستقبلي لمؤسسات التنمية الإدارية في تطوير الأداء الحكومي وإدارة المعرفة، والشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص ودورها في تحقيق التميز في تقديم الخدمات، والتجارب العالمية في تحقيق التميز في الأداء الحكومي. وتفاوتت ردود الأفعال على أوراق العمل التي تحدثت عن تطبيقات الإدارة العامة الحديثة في الدول المتقدمة بين الإشادة بتقدم هذه التطبيقات ودورها في تقديم الواقع التنفيذي المرغوب، وبين الاعتراض، كون الحديث عنها لا يزال باكراً خصوصاً أن بعض المجتمعات تعاني الكثير من القطاعات الخدمية ومن فهمها لأبجديات الإدارة العامة، في الوقت الذي أشار بعض المتحدثين إلى التحدي الحقيقي للقائمين على القطاع العام والخدمي يكمن في بقائهم تحت الضغوطات الشعبية التي تأمل في رؤية نتائج واقعية وملموسة. وحضر النقاش بشكل أكبر في محور قياس الأداء في القطاع الحكومي، إذ تناولت أوراق العمل بشكل موسع فرص وتحديات إدارة الأداء، ودور إدارة الأداء في تقديم الخدمات، ومتطلبات تحقيق معدلات أداء مرتفعة في القطاع العام، ودور ثقافة وقيم العمل في تحسين الأداء، ودور القيادة في تطوير الأداء الحكومي، واستراتيجيات قياس الأداء، وقابله تأكيد أن علم الإدارة العامة ليس حلاً سحرياً بحد ذاته في حلحلة إشكالات تقديم الخدمات العامة أو الحكومية، والأسلوب الصحيح لأخذ القطاع الحكومي إلى بر الأمان لا يكون إلا بمواصلة العمل الحالي، مع إعطاء اهتمامٍ أكبر للأبحاث التشخيصية والتطويرية، التي بدورها تعتمد على سهولة الحصول على المعلومات والشفافية في طرح الحقائق الدقيقة عن الواقع المدروس أو المراد تطوير الأداء فيه.