استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مشروع العمليات الجراحية خارج أوقات العمل بمستشفى الملك سلمان يحقق إنجازات نوعية    24 نوفمبر.. قصة نجاح إنسانية برعاية سعودية    موديز ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "Aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «السقوط المفاجئ»    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حُمّى الضنك»... والواقع المجهول
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 2009

منذ ما يقارب السنوات الثلاث أعلنت وزارة الصحة بأن مدينة جدة أصبحت «مدينة موبوءة» بحمى الضنك، ولا أعرف حينها ما الدلائل التي اعتمد عليها المسؤولون في الإعلان على أنها «موبوءة»، فقامت الدولة مشكورة برصد ميزانيات أعتبرها ليست منصفة فقط بل تكفي لأن تجعل منطقة مكة المكرمة خالية من جميع الأمراض التي تنقلها الحشرات والآفات الأخرى، وتكون خالية من أي وباء متعلق بمستوى الإصحاح البيئي.
ولكن جاءت النتائج على عكس المتوقع، فساكنو مدينتي جدة ومكة المكرمة أصبح شغلهم الشاغل، وحديث مجالسهم ومنتدياتهم، وكذلك الصحف المحلية، هو مرض «حمى الضنك»، ولم يخطر ببالي أننا أصبحنا في وضع لا نحسد عليه، على رغم ما تقدمه الدولة من مخصصات للحد من انتشار الأوبئة بصفة عامة وحمى الضنك بصفة خاصة، حتى أنه أصبح مجرد الارتفاع في درجة الحرارة يعتبر الشخص نفسه مصاباً بحمى الضنك، فيهرع أولاً للصيدليات والعيادات والمستوصفات الخاصة، ومعظمها للأسف لا تملك من معرفة أعراض وتشخيص المرض إلا مجرد الاسم فقط، وعندما لا يصل إلى نتيجة بعد أيام يذهب إلى مستشفيات وزارة الصحة، ومن وجهة نظري أنها تقوم بمهامها على قدر الإمكانات المتوافرة لديها وهى جيدة، وهي على رغم ذلك تحتاج إلى بذل جهد مضاعف في السنوات المقبلة.
هذا الهاجس لدى المواطن يحتاج إلى توعية مكثفة، فأين هذه التوعية خلال السنوات الماضية؟ نعم هناك شبه توعية أعتبرها خجولة جداً قامت بها أمانات المدن والمديريات الصحية، تتمثل في تقاويم وبعض الأوراق التوعوية، فهل قامت مراكز الرعاية الأولية في الأحياء بدورها التوعوي في المدارس والأحياء؟ وهل قامت بإعلانات مقروءة ومسموعة ومرئية خلال موسم المرض؟ وهل قامت بتحديد المستشفيات التي يمكن للمريض زيارتها عند حدوث الأعراض؟ وهل قامت بالتوعية والإرشادات الطبية الأولية؟ هل وهل... هذا كله من ناحية الجانب التوعوي.
أما جانب التقييم العلمي للمرض فنجد أن آخر الإحصاءات التي لدى منظمة الصحة العالمية عن عدد حالات حمى الضنك في المملكة، واستراتيجيات التشخيص والعلاج والإمكانات التي وفرتها الدولة للحد من انتشار المرض، لم تحدّث من عام 2002، فأين نحن الآن؟ لا توجد إحصاءات علمية موثقة عن حالات حمى الضنك، ولا أوراق علمية منشورة منذ ما يقارب السنوات الخمس، لا توجد معلومات حديثة عن السلالات الفيروسية المنتشرة في المناطق الموبوءة سوى ورقتين نشرتا عامي 2002 و2008 من مستشفي خاص في مدينة جدة، ولا توجد نسب إحصائية عن مستوى المناعة المكتسبة في المجتمع الموجود به المرض، ولا يوجد تقييم علمي للاختبارات المستخدمة في تشخيص المرض، ولا توجد إحصاءات للحالات التي اكتشفت في مراحلها المبكرة أو المتأخرة، كل هذه المعطيات والتساؤلات هي مرآة تعكس الجهود المبذولة.
وهي النواتج التي تنتظرها المنظمات الدولية المعنية بصحة الإنسان، خصوصاً في مدينتي مكة المكرمة وجدة، فزيادة حالات حمى الضنك في العالم من أسبابها الرئيسة كثرة السفر بين الدول، فكم من الجنسيات المتعددة تزور مكة المكرمة سنوياً. أما العامل الرئيسي للقضاء على الأوبئة، ومنها حمى الضنك، فمكافحة النواقل بطرقها المختلفة للوصول إلى بيئة خالية من هذه النواقل، فما قامت به الجهات الحكومية ذات العلاقة خلال السنوات الثلاث الماضية للحد من زيادة الحالات السنوية المسجلة تعتبر بشكل عام دون المستوى مقارنة بما تم رصده.
فهناك وبدون أدنى شك ازدواجية في المهام المناطة لكل من وزارة الصحة والشؤون البلدية والقروية ووزارة الزراعة، فهذه الجهات تقوم بمكافحة البعوض الناقل للأمراض، وتتمثل في طرق مختلفة، ولكن النصيب الأكبر من هذه الطرق هو استخدام المبيدات الحشرية بأنواعها المختلفة، فمن إحصاءات الإدارة العامة للمكافحة الحشرية والوقاية الصحية بوكالة الخدمات بأمانة محافظة جدة، نجد أن هناك علامات استفهام لسنا بصدد التحدث عنها الآن، ولكنها تستحق النقاش والإجابة من العاملين والمشرفين على برنامج المنظومة المتكاملة لمكافحة نواقل حمى الضنك بمحافظة جدة.
لا زلت أتساءل أين مخرجات ونتائج أعمال مختبر الاستكشاف الحشري بأمانة مدينة جدة؟ فمهام المختبر منذ إنشائه وبفريق بحثي متخصص توافرت لديه جميع الإمكانات التقنية والفنية في العامين الماضيين، وكان من المفترض أن تكون الأعمال المنجزة لهذا المختبر من حيث التصنيف الحشري المقنن، وتقييم المبيدات الحشرية المستخدمة ضد البعوض، منشورة في أرقى المجلات البحثية المتخصصة، كذلك لا أجد أن هناك دوراً يقوم به هذا المختبر المتخصص لخدمة المدن المجاورة، فمدينة مكة المكرمة تعاني في الوقت الراهن من زيادة في عدد حالات حمى الضنك، فما دور المختبر في القيام بخدمة هذه المدينة؟ وهل يفكر القائمون على أمانة العاصمة المقدسة في تجهيز مختبر آخر، أتمنى ألا تكون الإجابة بنعم.
لابد لنا أن نعترف أننا نعيش في منطقة شبه استوائية، ولدينا معظم أنواع نواقل الأمراض، مثل الملاريا والليشمانيا والبلهارسيا وفيروسات الضنك والكبد الوبائي وغيرها من الأمراض المستوطنة، والحل الوحيد للقضاء على الآفات ومكافحة الأوبئة هو إنشاء وزارة للبيئة تُعنى بشؤون البيئة فقط «ماء – هواء - يابسة» تحاسب عندما تقصر في عملها، أما أن تهدر دماء القضايا بين الجهات ذات العلاقة، فهذا أمر غير مقبول ولا يصدقه عاقل، نحن نعيش في طفرات مختلفة، منها الإيجابي والسلبي، فلابد لنا أن نتوقف كثيراً ونفكر ملياً بكبح طفرات البيئة السلبية على صحة الإنسان مهما كان الثمن. أخيراً، إننا بارعون في التنظير وتنظيم اللقاءات وطبع الكلمات والأوراق العلمية التي تكتب على ارقى وأفخر أنواع الورق، ويطبق منها القليل القليل، فالمردود الفعلي للواقع والنتائج آخر ما نفكر فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.