قُتل 22 شاباً من مشجعي نادي الزمالك المصري لكرة القدم عند أبواب ملعب الدفاع الجوي التابع للجيش عند أطراف القاهرة، نتيجة تدافعهم لدى محاولة فرارهم من ممر ضيق أطلقت قوات الأمن عليهم فيه وابلاً من قنابل الغاز المسيل للدموع قبل مباراة لفريقهم. وكان مقرراً أن تُقام المباراة في ملعب «المقاولون العرب» في القاهرة، لكن الأمن طلب إقامتها في ملعب الدفاع الجوي، خشية محاولات رابطة مشجعي الزمالك المعروفة ب «أولتراس وايت نايتس» اقتحام الملعب لحضور المباراة، نظراً إلى كونها مباراة مصيرية في تحديد تصدر فريقهم الدوري الممتاز لكرة القدم. والمباراة هي الأولى المحلية التي يُسمح فيها بحضور الجماهير منذ سقوط أكثر من 70 قتيلاً في اشتباكات بين جمهوري النادي الأهلي والمصري في مدينة بورسعيد في شباط (فبراير) 2012، وهي الواقعة التي سُميت «مجزرة بورسعيد»، وأحيلت بسببها قيادات في الشرطة على محاكمة بتهمة التواطؤ لا تزال محل مداولة في ساحات القضاء. وسُمح بحضور جماهير في مباريات المنتخب الوطني ومباريات الأندية في البطولات الدولية. ووافقت وزارة الداخلية على حضور 10 آلاف مشجع مباراة أول من أمس، وبيعت 5 آلاف بطاقة للمباراة، وتولى رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور توزيع 5 آلاف أخرى مجاناً بهدف سد الطريق على حضور أعضاء روابط المشجعين. لكن روابط مشجعي نادي الزمالك كثفت دعوة أعضائها إلى الحضور قبل المباراة بساعات. ويقع ملعب الدفاع الجوي داخل القرية الأوليمبية التابعة للجيش على محور المشير، وتضم ملاعب عدة وفندقاً وأماكن ترفيهية. وفرضت قوات الأمن إجراءات صارمة لمنع دخول أي مُشجع لا يحمل بطاقة حضور المباراة، إذ اصطف عشرات الجنود بسترات واقية أمام بوابة القرية الأوليمبية المطلة على طريق رئيسي سريع في صفين متقابلين يمر بينهما المشجع، قبل أن يدخل إلى قفص حديد مُغلق بالأسلاك الشائكة، ومنه إلى ممر عرضه لا يتعدى 30 متراً، بين سور القرية الخارجي وسور الملعب الذي يضم بوابات عدة توصل كل جمهور إلى المدرجات المُخصصة له. واحتشد آلاف المشجعين على طريق محور المشير في مواجهة البوابة الرئيسة للقرية الأوليمبية لمحاولة حضور المباراة، لكن قوات الأمن منعت دخول أي فرد من غير حاملي البطاقات. ومع تكدس الحضور، أغلقت قوات الشرطة الأبواب بعد إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وأوقفت عدداً من المشجعين الذين تسلقوا أسوار القرية الأوليمبية في محاولة لحضور المباراة. وقطع آلاف المشجعين طريق محور المشير ومنعوا حافلة اللاعبين من الوصول إلى الملعب، لكن قوات الأمن فرقتهم بقنابل الغاز وطاردتهم، ما أدى إلى جرح عدد من المشجعين الذين تناثروا بالمئات على امتداد بضعة كيلومترات، قبل أن يجمعوا أنفسهم مرة أخرى للاحتشاد بالآلاف أمام بوابة القرية الأولمبية التي كانت قوات الشرطة أخلت ممرها من أي مشجع. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز عليهم داخل القفص الحديد عند البوابة الأولى. وحين حاولوا التراجع إلى خارج القرية الأوليمبية، حدث تدافع بسبب تزايد أعداد المشجعين وضيق الممر وكثافة الغاز، ما أدى إلى دهس عدد كبير من الشباب تحت الأقدام ومقتلهم. وبعدما بدأت أنباء تتواتر عن سقوط قتلى، وقف الجمهور وظهره للملعب، وظل يردد هتافات منها: «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله» و «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم». وكثفت قوات الأمن من تواجدها خارج بوابات الملعب في محاولة لإخلائه من دون اشتباكات، ووضعت متاريس حديد وأسلاكاً شائكة اصطف خلفها مئات الجنود تحدد مسار المشجعين إلى خارج الملعب في نهاية المباراة التي استمرت حتى نهايتها. وقالت النيابة العامة إن «19 شخصاً قتلوا بسبب التدافع الذي أدى إلى إصابات بكدمات في الصدر والرأس والرقبة»، مؤكدة أن «معاينة جثث القتلى أثبتت أنه لا توجد حالات إصابة بطلقات نارية أو طعنات». وأكدت وزارة الصحة من جانبها مقتل 19 شخصا وجرح نحو 20 آخرين. لكن رابطة مشجعي الزمالك أعلنت أسماء 22 قتيلاً ووزعت صورهم. وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن «أعداداً غفيرة من الجماهير تواجدت في محيط الاستاد، من غير حاملي التذاكر وفاقت أعدادهم عشرة آلاف تدافعوا لاقتحام بوابات الاستاد وتسلق أسواره في محاولة منهم للدخول، ما أسفر عن إصابة عشرات منهم نتيجة شدة التدافع، وتم نقلهم إلى المستشفيات القريبة»، لافتة إلى أن «القوات قامت بتفريقهم، فتوجهوا إلى الطريق المؤدية إلى الاستاد وقاموا بتعطيل حركة المرور في الاتجاهين وإيقاف الحافلة التي تقل لاعبي فريق نادي الزمالك ومنعها من الوصول إلى الاستاد وإضرام النيران في إحدى سيارات الشرطة، وتم تفريقهم وتأمين وصول اللاعبين والجهاز الفني لأرض الملعب، وتبلغ بحدوث حالات وفاة لعدد من المصابين نتيجة التدافع». ونعت رئاسة الجمهورية ضحايا «الأحداث المؤسفة». وقال بيان للرئاسة إن الرئيس عبدالفتاح السيسي «يتابع تطورات الموقف مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء»، وإنه «أكد أهمية انتهاء جهات التحقيق من كشف ملابسات الأحداث وتحديد المتسبب فيها، وضرورة اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها وتوفير الحماية الكاملة للمواطنين». وأعلنت الحكومة إرجاء دوري كرة القدم «إلى أجل غير مسمى»، بعد اجتماع ضم رئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزراء الداخلية والشباب والصحة ومحافظ القاهرة. وقال مجلس الوزراء إن الحكومة «تتابع عن كثب الأحداث المؤسفة». وروى البيان أنه «بعد إغلاق أبواب الاستاد بدأ بعض الحشود في التجمع بهدف الدخول عنوة ومحاولة اقتحام الاستاد والاشتباك مع قوات الأمن ورفضوا الخضوع لإجراءات التفتيش المتبعة لتأمين المباراة والمشجعين ثم قاموا بأحداث عنف واعتداء على قوات الأمن وحرق السيارات وبعض الممتلكات العامة والخاصة». وأعلن نادي الزمالك الحداد 3 أيام. وخرجت تظاهرات في جامعتي الأزهر والقاهرة في العاصمة، تنديداً بالأحداث، وهتف المتظاهرون ضد الشرطة، فيما توعدت روابط مشجعي كرة القدم برد على تلك الأحداث.