اختتم المؤتمر السنوي السادس للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر أعماله أول من أمس بالتأسيس لمرحلة جديدة من العمل يُتوقع أن يرفع خلالها شعار «وحدة الصف» في مواجهة معارضيه. ووجّه المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام «رسائل قوية» إلى المعارضة مفادها أن «الوطني» ليس حزباً «بلا أنياب» ويستطيع الرد بقوة على منتقديه. لكنه، في المقابل، سعى إلى طمأنة أحزاب المعارضة، مؤكداً أنه يسعى إلى مشاركتها بقوة في الاستحقاقات البرلمانية التي تعقد العام المقبل. وسعى الرئيس حسني مبارك إلى نفي ما يثار عن أن «الوطني» يستأثر بالحياة السياسية في مصر، إذ أكد في اختتام المؤتمر أن الحزب «سيمضي مع بقية الأحزاب وأبناء الوطن نحو غد أفضل للمجتمع». لكن الخطابات والأحاديث لقيادات «الوطني» في المؤتمر أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن المرحلة المقبلة ستشهد «احتدام الصراع» بين الحزب الحاكم وجماعة «الإخوان المسلمين». وأكدت مصادر «الوطني» أنه سيعتمد خلال الفترة المقبلة على سياسات عدة تهدف إلى مزيد من التهميش لجماعة «الإخوان» خصوصاً مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وبعدها انتخابات مجلس الشعب. لكن هذه المصادر أكدت ل «الحياة» أن «المرحلة المقبلة ستشهد حوارات بين الوطني وأحزاب المعارضة» وأن «الوطني» سيسعى إلى مشاركة المعارضة في الانتخابات المقبلة. وقالت إن «أحزاب المعارضة لن تحصل على المقاعد على طبق من فضة .. نريد مشاركة حزبية قوية في الانتخابات المقبلة». وصعّد الحزب الوطني خلال مؤتمره الهجوم على «الإخوان»، وبدأ هذا التصعيد بتأكيد أمين التنظيم أحمد عز أن أخطاء الماضي لن تتكرر، في إشارة إلى فوز «الإخوان» ب 88 مقعداً في البرلمان في انتخابات 2005. كذلك طالب نواب من الحزب الحاكم في اختتام المؤتمر بمنع الجماعة من العمل ومصادرة أموالها. وأكدت مصادر «الوطني» أن «عمليات تفتتيت الأصوات» التي جرت في العام 2005 أدت إلى خسارة الحزب الحاكم نحو 40 مقعداً من المقاعد ال 88 التي حصل عليها «الإخوان» الذين استفادوا من نزول أكثر من مرشح محسوب على «الوطني» في الدائرة الانتخابية الواحدة. وعلى رغم أن الحزب الوطني أكد أنه ماض في سياساته من دون الرجوع إلى الوراء، إلا أن اللافت كان تركيز الحزب على «إنجازات» حكومته من دون الدخول في قضايا معيشية تشغل بال الرأي العام خلال الفترة الماضية. إذ لم يتناول المؤتمر أي حديث عن المخاوف من تفشي وباء أنفلونزا الخنازير أو ما يطالب به المصريون من ربط الأجور بارتفاع الأسعار المتزايد على مدى الأعوام الثلاثة الماضية أو حتى الإشارة إلى ما تم من خطط لتعمير شبه جزيرة سيناء، ولا كيفية تعامل الحزب مع قضية ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي، وتردي حالة مياه الشرب في قرى عدة ما أدى إلى إصابة العشرات بأمراض. وهذه قضايا تناولتها الصحف المصرية في شكل واسع خلال العام المنصرم. وتحدث قادة في «الوطني» عن الشعار الذي حمله المؤتمر هذا العام (من أجلك أنت) وقالوا إنه يهدف إلى التأكيد أن الحزب وحكومته يستهدفان في سياساتهما مصلحة المواطن المصري. لكن الظاهر أنه على رغم انتشار هذا الشعار في شوارع القاهرة وأكبر ميادينها، إلا أن المؤتمر نفسه لم يلق اهتماماً كبيراً في الشارع المصري، حتى أن مواطنين قالوا إنهم لا يعلمون عن فعالياته ولا يعنيهم منه إلا الازدحام المروري الذي أحدثه المؤتمر نهاراً في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة) حيث مقر مركز المؤتمرات الذي استضاف المؤتمر. وشهد مساء أول من أمس الرئيس حسني مبارك الجلسة الختامية للمؤتمر التي بدأت بتكريم عدد من الكوادر الشابة للحزب وانتهت بكلمة أدلى بها مبارك أكد فيها مضي الحزب وحكومته نحو خطوات الإصلاح من دون رجوع إلى الوراء، مشيداً بالأداء الحزبي خلال فاعليات المؤتمر، وأعن أن «القضايا التي تناولها ستظل في قلب عمل الحزب الوطني» وأنه تابع عن قرب أعمال المؤتمر واجتماعاته. وقال إن «المؤتمر يعطي دفعة قوية وجديدة للأمام». وشدد على «تمسك الحزب برؤيته وسياساته وأولوياته والتصميم على المضي خطوات نحو الإصلاح»، مطالباًَ الحكومة ب «تنفيذ توصيات المؤتمر والإسراع في الانتهاء من مشاريع القوانين».