أكدت مصادر متطابقة في الأكثرية والمعارضة في لبنان، انه على رغم أجواء المراوحة الظاهرة في جهود تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة، والتي أدت الى تراجع أجواء التفاؤل خلال الأيام الثلاثة الماضية، فإن الاتصالات لتذليل العقبات من أمام التأليف استمرت على قدم وساق بعيداً من الأضواء للتداول في عروض جديدة ترضي زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بحقيبة إضافية مع حقيبة الاتصالات التي عرض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إسنادها الى وزير غير جبران باسيل، من وزراء عون الخمسة. وفيما توقع تلفزيون «إن بي إن» الذي يشرف عليه رئيس البرلمان نبيه بري أن تتم ولادة الحكومة الجديدة قبل الخميس المقبل، مشيراً الى تقدم كبير في الاتصالات المستمرة سيظهر في الأيام القليلة المقبلة، رجحت المصادر المتطابقة في الموالاة والمعارضة حصول اختراق ما في هذه الاتصالات التي لم تنقطع، على خلفية اللقاء الذي عقد ليل أول من أمس في دارة عون، في حضور النائب سليمان فرنجية والمعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل والوزير باسيل، حيث تردد انه يجرى البحث في إسناد حقيبة الطاقة إضافة الى «الاتصالات»، إلا إذا استقر الرأي على غيرها في المشاورات الجارية بعيداً من الأضواء. وقالت مصادر في المعارضة إن هناك إمكانية للتوصل الى مخرج من المأزق الحالي يرضي الجميع، فيما أشارت مصادر في الموالاة الى إمكان حصول اختراق وفق صيغة لا تجعل أي من الفرقاء مغبوناً. وبينما أحجمت أوساط الرئيس المكلف عن الحديث عن مضمون الاتصالات الجارية، فإنها أشارت إلى أن ثمة أفكاراً جديدة يجرى تداولها. وقالت مصادر مطلعة إن تعديل السلة التي كان عرضها الحريري على عون قبل زهاء 9 أيام (الاتصالات لغير باسيل، المهجرون، السياحة والثقافة) لمصلحة حقيبة أساسية ثانية بدلاً من السياحة أو المهجرين، يفترض حصول تنازل مقابل من عون، إضافة الى ضمان عدم تسليم باسيل الاتصالات لا سيما إذا كانت الحقيبة الأساسية الثانية هي الطاقة، أو غيرها، هذا فضلاً عن ان هذا التعديل يفترض تشاوراً بين قوى الأكثرية وبينها وبين الرئيس المكلف. وكان الحريري ترأس ظهر أمس اجتماعاً لكتلة «المستقبل» النيابية، عرض خلاله مع أعضائها ما آلت إليه الاتصالات من اجل معالجة العقد في عملية التأليف، من دون أن يذكر أي تفاصيل عن مفاوضاته مع عون وسائر الفرقاء. وفي وقت لم يصدر أي بيان عن اجتماع الكتلة، علم ان الحريري أكد في الاجتماع انه مستمر في جهوده لتذليل العقبات وأنه لن يعتذر عن عدم التأليف وسيواصل سياسة النفس الطويل والحوار، مشيراً الى أن الأمر يحتاج الى التحلي بالصبر. وقالت مصادر نيابية إن الحريري أثنى على الدور الإيجابي الذي يلعبه النائب سليمان فرنجية في العلاقة مع عون. وذكرت المصادر أن نواباً سألوا الحريري: «ما الذي يضمن أن يتجاوب الفريق الآخر خصوصاً أنك عرضت حقائب دسمة على العماد عون في التشكيلة التي سبقت اعتذارك»؟ فأجاب: «ربما في حينها لم يكن هناك قرار خارجي وإقليمي بتأليف الحكومة». واستنتج النواب من كلامه أن هناك تبدلاً في الأجواء الإقليمية لمصلحة تسريع تأليف الحكومة. وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حمّل «حزب الله» المسؤولية عن تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية معتبراً أنه «يتلطى وراء حليفه المسيحي العماد عون». وقال إن تشكيل الحكومة «لا يتناسب حالياً مع الداعمين الإقليميين للأقلية». وقال عون في خطاب له إن «كلاً يغني على ليلاه، ونسمع أن العماد عون يريد أن يعطل (تشكيل الحكومة). فهل طرحنا شيئاً مستحيلاً على الرئيس المكلف أم ضمن ما هو معقول ومعترف به انه حقوق»؟ واعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي أن التأخير المتمادي في تأليف الحكومة يترك البلاد أمام مخاطر أمنية وسياسية أكبر من أن يتحمل تبعاتها أي فريق يؤخر التأليف. وفيما تعرض موقف البطريرك الماروني نصر الله صفير اعتبار ان «حزب الله» يعمل لمصلحة إيران اكثر من لبنان، لردود من قادة في الحزب وغيرهم أكد أعضاء المكتب السياسي لحزب الكتائب في بيان تضامنهم مع صفير في وقوفه الى جانب المبادئ الديموقراطية والدستورية. وأشار حزب الكتائب الى «أن مسار تأليف الحكومة يكشف يوماً بعد يوم دور الأصابع المعروفة التي تتحكم باللعبة الداخلية وتبقي الوطن رهينة المصالح والمصالحات الخارجية على حساب لبنان وأهله». واعتبر المكتب السياسي الكتائبي أن ما يجرى يشكل سابقة تاريخية تنسحب على مسار تأليف كل الحكومات في لبنان وتنسف مبدأ الديموقراطية وتغيّر نظام لبنان بطريقة انقلابية.