بات الحديث عن الدراما التركيّة المدبلجة يضعها في مرتبة المشكلة، بل لعلّ بعض النقد وصل حدود الشكوى. بعض نجوم الدراما السورية يتحدثون عن هذه الدراما باعتبارها أقرب الى المؤامرة منها إلى الظاهرة الفنيّة أو حتى التجارية، والتي قد تكتسح السوق لموسم أو أكثر قبل أن تنسحب وتخلي مكانها لظاهرة غيرها. هؤلاء النجوم يرون المسألة على نحو يدعو الآخرين للتحرّك واتخاذ موقف عملي مما يعتبرونه خطراً على الدراما المحلية يتوجب أن نواجهه. ليست القضية هنا أن نكون من أنصار هذه الدراما الوافدة والمدبلجة أو ضدّها، فالأمر لا يتعلق بذلك بمقدار تعلّقه بظاهرة باتت تؤثر في حياتنا الفنية والنقدية هي النظر الى كل وافد جديد بعين الرّيبة والشك، واستناداً إلى «نظرية المؤامرة» بكل ما يرتّبه ذلك من استنفار للقوى الذاتية، ودعوات لخوض معارك نعتقد أنها غير حقيقية ولا يجوز أن نغرق في تفاصيلها وحيثياتها. نعم لقد احتلت الدراما التركية المدبلجة مساحة كبيرة في الفضائيات العربية الكبرى، لكن ذلك حدث بسبب من أخطاء وقعت فيها ولا تزال الدراما العربية ومنها الدراما السورية، وهي تسبّبت في ضعف أعمال كثيرة ساهم ضعفها بالتأكيد في انسحاب كثر من المشاهدين ولجوئهم الى الدراما التركية. مع ذلك من المهم رؤية الصناعة الدرامية في سياق تطوّرها ذاته، كما في سياق علاقتها بجمهورها، أي بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي تعنيهم والتي يتطلعون أن تعبّر عنها فنونهم وآدابهم ومنها الدراما التلفزيونية، وبصورة ناجحة تجمع المضمون المتوازن إلى المعالجات الفنية القادرة على جذب المشاهد وإمتاعه. قد تنطوي صفحة الدراما التركية غداً أو بعد غد، ولكن سؤال الدراما العربية وحالها سيظلّان مطروحين علينا جميعاً: كيف نرتقي بأعمالنا العربية ونضمن أن تظلّ على سكة التفاعل الحيوي مع المشاهدين العرب في مختلف أقطارهم. نقول ذلك ونحن نعرف أن الدراما التركية لم تتمكن من منافسة الأعمال الدرامية العربية المهمة والمتطوّرة، بل «فتكت» بتلك الأعمال المرتجلة و«قليلة الحيلة»، والتي باتت بحاجة إلى وقفة جدّية من الفنانين والكتاب والنقاد، كما من الجهات الإنتاجية بالتأكيد.