يبدأ الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر غداً مؤتمره السنوي السادس الذي يستمر ثلاثة أيام تحت شعار «من أجلك أنت»، وعينه على ضمان «فوز كاسح» في الانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لما لها من أهمية استثنائية في تحديد مرشحي الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2011. وعلى رغم أن المؤتمر لن يناقش قضية الانتخابات الرئاسية، فإن الأمر ليس غائباً عن بال قياداته، خصوصاً أن تعديلات دستورية أقرت قبل أربع سنوات جعلت من الانتخابات البرلمانية بوابة السماح للأحزاب بتقديم مرشحين للرئاسة، كما أن الساحة السياسية شهدت أخيراً جدلاً مبكراً في شأن مسألة خلافة الرئيس حسني مبارك والمرشحين المحتملين لها. ويسعى «الوطني» إلى عدم تكرار تجربة الانتخابات البرلمانية في العام 2005 حين فاز مرشحو «الإخوان المسلمين» بخمس المقاعد. وأكد قيادي في الحزب الحاكم ل «الحياة» أن تعليمات ستصدر أثناء المؤتمر لأعضاء الهيئة البرلمانية بضرورة «الحفاظ على فكرة الانتماء الحزبي» عبر الوعد بدعم مرشحي الحزب في الانتخابات، حتى في حال تعارض المصالح. وكان أمين التنظيم في «الوطني» أحمد عز اعتبر أن «أخطاء تنظيمية» في انتخابات العام 2005 سهلت ل «الإخوان» الفوز ب 88 مقعداً في البرلمان الحالي، في إشارة إلى عدم التزام أعضاء حزبه الترشيحات التي أقرها وخوض بعضهم الانتخابات بصفتهم مستقلين أمام مرشحي الحزب، ما ساعد في تفتيت الأصوات. وشدد قيادي في الحزب على أن «هذه الأمور لن تتكرر». وقال ل «الحياة»: «ستُتخذ إجراءات ضد من لا يلتزم ترشيحات الحزب، خصوصاً في الانتخابات المقبلة التي يسعى الحزب الوطني إلى تحقيق فوز كاسح بها... كما نسعى إلى أن يتشكل المجلس المقبل من الأحزاب الشرعية». ويختار مجمع انتخابي من أعضاء «الوطني» مرشحيه للانتخابات البرلمانية، ويعمل كل عضو في البرلمان الحالي على ضمان ترشيح الحزب له في الانتخابات المقبلة. وستسعى قيادات الحزب خلال المؤتمر إلى إيصال رسالة إلى أعضاء هيئته البرلمانية مفادها أنه لن يسمح لأي منهم بالمنافسة في حال لم يختره الحزب لتمثيله، مقابل تأكيدات بأن أياً من القيادات لن يتدخل إذا اختارهم المجمع الانتخابي للترشح. وقال الأمين العام المساعد أمين السياسات في الحزب الحاكم نجل الرئيس جمال مبارك إن «الوطني» يخوض المؤتمر السنوي بمنطق الاستعداد للانتخابات البرلمانية، «لكن لا يمكن أن يبدأ التسخين السياسي للانتخابات في وقت مبكر منذ بداية العام ثم نجد أن طاقة العمل نفدت قبل الانتخابات نفسها». وكان وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وأكثر من قيادي في الحزب الحاكم أكدوا أن تجربة «الإخوان» في البرلمان الحالي لن تتكرر. وتأتي هذه التأكيدات وسط مشاكل في صفوف الجماعة، ليس أهمها أزمة تصعيد رئيس مكتبها السياسي عصام العريان إلى مكتب الإرشاد التي قابلها المرشد العام محمد مهدي عاكف بالتهديد بالاستقالة. وينتظر «الإخوان» اختيار مرشد جديد في كانون الثاني (يناير) المقبل في ضوء تأكيدات عاكف أنه لن يستمر لولاية جديدة في منصبه. ويعتبر مراقبون أن أي خلافات قد تنفجر في الجماعة حول هذا الأمر، ستؤثر حتماً في اصطفافها وبالتالي في فرص فوز مرشحيها في الانتخابات. ويعتبر الاستحقاق النيابي المقبل الأهم خلال العقدين الماضيين لدوره الحاسم في تحديد مرشحي الرئاسة، فالتعديلات التي أدخلت على المادة 76 من الدستور في العام 2005 وضعت قيوداً شديدة على الترشح للرئاسة، ورهنت قبول المرشح بتأييد 250 عضواً منتخباً في مجلسي البرلمان والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات التي يسيطر عليها الحزب الحاكم، ما يقطع الطريق على طرح مرشح ل «الإخوان». أما الأحزاب السياسية، فلا يحق لها طرح مرشح للرئاسيات مالم يحصل مرشحوها على خمسة في المئة على الأقل من مقاعد مجلسي البرلمان، على أن يمضي على تأسيسها خمس سنوات متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشح. ولا تتوافر هذه الشروط في أي من أحزاب المعارضة التي يتجاوز عددها العشرين. وحتى في حال أمّن أحدها هذه النسبة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فلا يحق له سوى ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا على أن يكون أمضى عاماً فيها.