تعتبر الزيارة الطارئة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما للرياض أول من أمس (الثلثاء)، لتقديم التعازي في وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، واللقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثالثة التي قام بها الرئيس الأميركي للعاصمة السعودية منذ توليه رئاسة الولاياتالمتحدة في عام 2008. واعتبر مراقبون أن قرار أوباما اختصار زيارته الأخيرة للهند للتمكن من زيارة السعودية، وقراره اصطحاب أكبر وفد رئاسي في تاريخ البيت الأبيض، يضم مسؤولين سابقين وأعضاء كونغرس من كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري، يمثلان أكبر دليل على عراقة العلاقات التاريخية بين البلدين التي ستدخل الشهر المقبل عامها ال70. ومعروف أن العلاقات الوثيقة بين المملكة والولاياتالمتحدة بدأت بلقاء تاريخي، بين مؤسس المملكة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، والرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت في نهاية الحرب العالمية الثانية. وبزيارة أوباما للرياض ولقائه الملك سلمان بن عبدالعزيز سيكون ذلك هو اللقاء ال13 بين رؤساء أميركا وملوك السعودية. اللقاء الأول كان اجتماع الملك عبدالعزيز وروزفلت على متن البارجة الأميركية كوينسي، في 14 شباط (فبراير) 1945 ضربة البداية للعلاقات التي ظلت قوية راسخة، على رغم الخلافات التي اعترتها من حين لآخر، بسبب تباين وجهات النظر حيال بعض القضايا. وجاء اللقاء بعد مشاركة روزفلت في مؤتمر يالطا الذي وضع أسس العلاقات بين القوى العظمى بعد انتهاء الحرب. الملك سعود وإيزنهاور وفي عام 1957 قام الملك سعود بن عبدالعزيز بأول زيارة يقوم بها ملك للسعودية للولايات المتحدة واستغرقت ثلاثة أيام، وأجرى الملك سعود خلال الزيارة محادثات مع الرئيس دوايت إيزنهاور تطرقت لحل مشكلة الشرق الأوسط وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وتعهدت الولاياتالمتحدة خلال المحادثات بتعزيز القوات السعودية بالأسلحة الحديثة. كينيدي والملك سعود في عام 1962، قام الملك سعود بن عبدالعزيز بزيارة للولايات المتحدة خضع خلالها لجراحة، وقرر تمضية فترة النقاهة في منزله الخاص في بالم بيتش بولاية فلوريدا، واستقل الرئيس الراحل جون كينيدي الطائرة الرئاسية ليتوجه إلى فلوريدا لزيارة العاهل السعودي ويتمنى له شفاء سريعاً. لقاء فيصل وجونسون قام الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز بزيارة للولايات المتحدة في عام 1966، واستقبله الرئيس الأميركي ليندون جونسون في البيت الأبيض، حيث أجريا محادثات تطرقت لمستجدات تلك الحقبة. وفي عام 1971، قام الملك فيصل بزيارة أخرى للولايات المتحدة، التقى خلالها بالرئيس ريتشارد نيكسون، وكان الوضع في الشرق الأوسط متأزماً، خصوصاً في أعقاب قرار إسرائيل تعزيز قواتها التي تحتل أراضي مصرية، إلى جانب احتلالها الأراضي الفلسطينية وهضبة الجولان. وفي عام 1974 قام الرئيس نيكسون بزيارة للسعودية، التقى خلالها الملك فيصل، في أعقاب قرار الملك فيصل حظر تصدير النفط العربي، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط. وأعلن الملك فيصل خلال اللقاء أن السلام الدائم لن يتحقق في الشرق الأوسط ما لم يتم تحرير القدس وإعادتها للعرب. لقاء الملك خالد وكارتر في عام 1978، زار الملك خالد بن عبدالعزيز الولاياتالمتحدة لإجراء جراحة في القلب، في مستشفى كليفلاند، وبعد تكلل الجراحة بالنجاح، أقام الرئيس جيمي كارتر مأدبة غداء للعاهل السعودي في البيت الأبيض، وانتهز كارتر الذي لا يزال على قيد الحياة فرصة وجود الملك خالد، ليشرح له معاهدة كامب ديفيد التي توصل إليها تحت رعايته الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن. لقاء الملك فهد وريغان زار الملك فهد بن عبدالعزيز واشنطن تلبية لدعوة من الرئيس الأميركي رونالد ريغان في عام 1985، لم يكن أول لقاء بينهما، إذ سبق لريغان أن التقى الأمير فهد أثناء توليه ولاية العهد في مؤتمر عقد في المكسيك. وحض ريغان الملك فهد خلال اجتماعهما في واشنطن على استخدام نفوذه لإحلال سلام بين العرب والإسرائيليين. الملك فهد وبوش الأب في تشرين الثاني (نوفمبر) 1990 التقى الملك فهد بن عبدالعزيز الرئيس الأميركي جورج بوش (الأب) في جدة، وسط التوتر الذي أثاره الغزو العراقي لدولة الكويت. وأعلن الملك فهد بعد اللقاء مع بوش أن الجانبين اتفقا على أن تغادر القوات الأميركية الأراضي السعودية فور انتهاء مهمة تحرير الكويت، أو تلبية لأي طلب من الجانب السعودي في هذا الشأن. الملك فهد يلتقي كلينتون في الرياض في عام 1994 قام الرئيس الأميركي بيل كلينتون بزيارة للعاصمة السعودية حيث اجتمع بالملك فهد. وتناولت المحادثات اهتمام السعودية بتطوير طائراتها العسكرية ونظمها الخاصة بالاتصالات. وفي عام 1998 زار ولي العهد السعودي (الملك لاحقاً) عبدالله بن عبدالعزيز العاصمة الأميركية حيث أجرى محادثات مع كلينتون، نيابة عن الملك فهد بن عبدالعزيز. الملك عبدالله وبوش الابن كان الرئيس جورج دبليو الابن التقى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مرتين أثناء تولي العاهل الراحل ولاية العهد. إحداهما في عام 2002، والأخرى في 2005. وفي عام 2008 قام الرئيس بوش بزيارة للرياض أجرى خلالها محادثات وصفت بالناجحة مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز. أوباما... اللقاء الأول زار الرئيس أوباما السعودية للمرة الأولى في عام 2009، بعد عام من توليه رئاسة الولاياتالمتحدة، في سياق جولة في الشرق الأوسط. ووصف أوباما السعودية بأنها مهد الإسلام. وناقش الزعيمان التوتر في الشرق الأوسط، وحل النزاع العربي - الإسرائيلي، وتعقيدات البرنامج النووي الإيراني. وفي آذار (مارس) 2014، قام أوباما بزيارة للملكة لإزالة خلاف مع الملك عبدالله في شأن سياسات الرئيس الأميركي تجاه الأزمة السورية، وثورات ما عرف ب«الربيع العربي»، وكان سوء التفاهم السعودي - الأميركي تفاقم بعد الكشف عن مفاوضات سرية تجريها واشنطن مع إيران. وفي 27 كانون الثاني (يناير) قام أوباما بزيارته التاريخية للرياض، حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأرسى معه أسس تفاهم ثنائي يليق بحجم العلاقات الممتدة بين البلدين التي ستكمل عامها ال70 الشهر المقبل.