تمعنت كثيراً وقرأت جميع نصوص نظام العمل والعمال ونظم الخدمة المدنية لأبحث عن نص يستند فيه على شرط موافقة ولي الأمر على عمل المرأة، ولم أجد أي مادة تشير الى ذلك، ونحن نعرف أن كل قرار يستند الى نظام أصيل ليس فيه مجال للاجتهاد، وما ورد في بعض النشرات الخاصة بضوابط عمل المرأة التي تحكم العمل في منشآت القطاع الخاص، اعتمدت على قرارات لمجلس القوى العاملة السابق، من دون مرجعية قانونية ونظامية، والأصل هنا هو النظام السائد، وما ورد من القرارات السابقة وحتى في نظام العمل كان يؤكد على موافقة ولي الأمر على عمل «الحدث» فقط، الذي لم يصل للسن القانونية، ولم يشر مطلقاً الى المرأة، لا أود التطرق الى الاضرار الكبيرة لاشتراط موافقة ولي الأمر على عمل المرأة، ولا نترك الباب مفتوحاً ونعمم ذلك على الجميع، ولكن الشواهد والحالات لهذه الاضرار كثيرة، فالمرأة التي عمرها «40 عاماً» أو «50» وتحتاج الى لقمة العيش وهي ولية أمرها والعمل في وظيفة شريفة وبسيطة كعاملة نظافة أو إدارية أو غيرها تحرم من هذا الحق عندما لا يوجد لها ولي أمر، فهل تُحرم المرأة من حق العمل بمجرد رفض ولي امرها عملها لأسباب اجتماعية غير جوهرية أو تافهة؟ هل تحرم امرأة قام ولي أمرها وطليقها مثلاً في خلافات محاكم شخصية ومعلقة في ذمته ويرفض طلاقها، فكيف يوافق على عملها؟ هل تحرم سيدات من العمل وتكوين أسر بدلاً من العوز والتسول ويعانين عدم وجود ولي الأمر، ويبقين أسيرات لهذا الشرط الذي يكون في كثير من الأحيان تعجيزياً؟ أعود الى النظام والصلاحيات، فهذا وكيل وزارة الخدمة المدنية بجامعة الملك سعود في الحوار الوطني 29 صفر 1429ه يقول إن وزارته لا تشترط موافقة ولي الأمر، إذاً لماذا هذا التناقض؟ هل القطاع الحكومي يختلف عن القطاع الخاص؟ ولماذا بعض الجهات الحكومية لا تزال متمسكة بهذا الشرط غير القانوني، هل هي اجتهادات شخصية؟ من الناحية الدينية هذه فتوى نُشرت على موقع إيلاف الالكتروني لعضو المجمع الفقهي الاسلامي الشيخ الدكتور محمد المنجم، وذكر أنه بعد فترة كافية من الدراسة والتقويم والاطلاع على الواقع المر لبعض الحالات فإنه يجيز عمل المرأة من دون موافقة ولي امرها، اذا كانت بحاجة لعمل، وذكر ان لها الحق في الرفع عن ذلك الامر للقضاء او الحاكم الاداري، ويشترط عدم الاختلاط، إذاً لماذا هذا الشرط القاسي على المرأة وليس له مستند نظامي؟ هناك نحو 28 ألف مطلقة عام 2008، و78 حالة طلاق يومياً، وهؤلاء النسوة بحاجة الى مساعدة، هل يبقين تحت رحمة الطليق او حتى ولي الأمر، إن كان غائباً؟ او هل المرأة تلجأ الى ابنها أو أخيها وهو تحت السن القانونية للحصول على موافقة العمل؟ ذكر المستشار القانوني والشرعي محمد الدحيم «أن العمل حق من حقوق المرأة المشروعة، وولاية الرجل للمرأة سواء كانت زوجة أو ابنة أو أختاً لا يعطيه الحق في منعها من العمل، لأن الولاية ليس من مضمونها منع المرأة من العمل ما لم يكن هناك محظور عليها»، وما يذكر بأن المرأة ناقصة الأهلية فهو امر مهم وخطر يجب معالجته لأن ذلك له محاذير وأضرار كبيرة جداً، نحتاج معها الى إعادة النظر في كثير من انظمة الاحوال الشخصية، ولو حدث ذلك لما احتجنا بالأصل أن نطلع على تقرير هيومن رايس عن حقوق المرأة في المملكة، الذي يحتوي على كثير من المعلومات والمغالطات بسبب هذه التناقضات التي تحتاج الى تعديل. هناك مفارقتان عجيبتان في هذا الشأن هل المقصود بالمرأة هنا السعودية فقط؟ وهل يشترط موافقة ولي أمر المرأة الاجنبية وهي مسلمة للعمل في المملكة؟ لا أجد إجابة! والآخر اذا كانت بعض الجهات مرنة وداعمة لعمل المرأة فكيف سيكون الوضع والتعامل مع بعض الحالات اللاتي عملن فيها ولم يستطعن توفير هذا الشرط! هل مصيرهن الفصل من الخدمة؟ وأين حماية نظام العمل من ذلك؟ ستكون مشكلة قانونية شائكة. لم أكتب بهذه الصراحة الا عندما استوقفتني إحدى السيدات التي تواجه هذا الشرط، وتقول إنه يتسبب في حرمانها من الحصول على وظيفة بدخل لا يتجاوز 1800 ريال، كانت كفيلة بحل مشكلتها الاجتماعية مع زوجها الذي لا يزال معلقها، وهي تطلب الخلع منه، فكيف بموافقته على عملها؟!