كثّف الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر استعداداته قبل أيام من بدء مؤتمره السنوي السادس والذي يفتتح أعماله الرئيس المصري حسني مبارك صباح السبت. وخرج الوطني أمس عن صمته في شأن ما تطرحه دوائر إعلامية من أسماء لمرشحين محتملين يمكنهم أن يواجهوا مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في خريف العام 2011، إذ اعتبر الوطني أن هناك قدراً كبيراً من «عدم اللياقة» في تناول مسألة طرح خليفة للرئيس مبارك، ومؤكداً في الوقت ذاته «حق كل مواطن مصري في ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية إذا توافرت فيه الشروط». وأعرب أمين الإعلام في الوطني الدكتور علي الدين هلال عن امتعاضه الشديد في شأن تزايد الحديث عن مسألة خليفة للرئيس مبارك، معتبراً أن هذا الحديث يتضمن «قدراً كبيراً من عدم اللياقة... وكأن منصب رئيس الدولة بات شاغراً». وأكد هلال ل «الحياة» أن الوطني لم يطرح أي أسماء لدخول الانتخابات على مقعد الرئاسة «وإذا أعرب الرئيس المصري عن رغبته في الاستمرار فنحن متمسكون به». وأكد أنه «لم يتم طرح المرشح المقبل للرئاسة داخل أروقة الحزب الوطني». وأوضح: «بحسب القانون الداخلي للحزب يتم خلال مؤتمر عام يعقد خصيصاً لهذا الغرض إعلان مرشح الحزب لخوض انتخابات الرئاسة... وهناك إجراءات تبدأ بأن يعلن الحزب عن فراغ في المنصب وهناك ترشيح له». وقال: «منصب رئيس الدولة في مصر يشغله الرئيس حسني مبارك الذي يقوم بعمله على أكمل وجه، ولاحظنا حجم التحركات الميدانية وعدد المقابلات اليومية التي يقوم بها. ومن غير اللائق أن نتحدث عن الشخص الذي سيأتي عقب الرئيس مبارك في الوقت الذي يدير رئيس الجمهورية الدولة... ولم يعلن بعد عن رغبته في أن يتنحى وتكون هذه الدورة الأخيرة له». ويدخل الوطني مؤتمر السنوي هذا العام وسط صورة جدلية وترقب لما سيطرحه الحزب من سياسات خلال المؤتمر، خصوصاً أن تلك السياسات ستكون إرهاصات لاستعداداته لاستحقاقات برلمانية بالغة الأهمية تعقد العام المقبل. وفي الوقت ذاته، تشهد قوى المعارضة في مصر حال استنفار ونشاطات في محاولة منها لتوسيع قاعدتها الشعبية بهدف تقديم مرشحين يستطيعون منافسة مرشحي الحزب الوطني في الانتخابات النيابية والرئاسية في العامين المقبل والذي يليه. وفتحت صحف مصرية منذ الآن بورصة الترشيحات على مقعد الرئاسة على مصراعيها من خلال طرح أسماء لشخصيات قد تترشح لمنصب الرئيس المقبل. وأكد أمين الإعلام في الوطني الدكتور هلال أن الحزب يرصد تحركات المعارضة وما يتم طرحه في وسائل الإعلام من أطروحات و «نحاول أن نستفيد منها إذا كانت جيدة، ولا نشعر بأي غضاضة أو حرج في تبنيها». وقال: «لدينا متابعة لما يحدث من حولنا ولكن من دون الخروج عن الطريق الذي نسير عليه». واعتبر هلال أن ما طرح من فكرة إنشاء ما يسمى ب «مجلس الأمناء» يضع دستوراً جديداً للبلاد، هي فكرة مبنية على أساس «إنكار شرعية كل مؤسسات الدولة الشرعية». وقال ل «الحياة»: «عندما نتأمل تلك الفكرة نجدها مبنية على أساس إنكار شرعية كل مؤسسات الدولة القائمة وتفترض أن مصر ليس فيها مؤسسات ولا يوجد فيها دستور». وأضاف: «كما أنه بأي حق يقوم الرئيس مبارك بإنشاء تلك اللجنة المزعومة إذا كان الرئيس المصري مصدر شرعيته الوحيد أنه انتخب وفقاً للدستور المصري... إذن أنت تطلب منه أن ينتهك ويتجاوز أساس شرعيته». وشدد هلال على أن الحزب الوطني «يحترم كل الناس في إبداء رأيها، ويجب أن نستمع إلى آراء الناس طالما يتم التعبير عنها في شكل سلمي، ومن حق أي مواطن مصري أن يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية وهذا لا يجعلنا نأخذ موقفاً عدائياً من هذا الشخص... فهذا حق يكفله الدستور لكل المواطنين». وأشار هلال إلى أن الحزب الوطني سيطرح خلال المؤتمر ورقة تسمى «المواطنة وحقوق الإنسان» سيتبنى فيها مشروع قانون للنقابات المهنية، كذلك طرح كيفية النهوض بدور المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات العامة المقبلة وإعطاء ضمانات باستقلاليتها وحيادها. وأكد أن فكرة المراقبة الدولية على الانتخابات لا يرفضها فقط الحزب الوطني بل الأحزاب السياسية في مصر مختلفة حول هذا الأمر. وشدد هلال على أن «الاستحقاقات التي ستجري في مصر (مجلس الشعب العام المقبل وانتخابات رئاسية العام 2011) ستكون تحت مرأى ومسمع من العالم كله ولا يمكنك أن توقف هذا». وأكد أن «الحزب الحاكم لا يقف خلف حركة «عايزينك» التي تبنت مساندة ترشيح أمين السياسات جمال مبارك على الرئاسة. وأوضح: «هذه الحركة تضم مجموعة من الشباب بعضهم أعضاء في الحزب لكن ليس لها أي اتصال مؤسساتي في الحزب الوطني»، معتبراً أن هذا السجال «إيجابي» بين الشباب بعضهم مع بعض. وقال «إن الشاب الذي يبدي رأيه، حتى وإن كان منتقداً للحزب الوطني، يكون أفضل من أن يعزف عن السياسة». واعتبر هلال «أننا نعيش خلال الفترة الحالية موسم الهجوم على الحزب الوطني». وقال: «هذا الموسم عادة يكون في الأسبوع السابق من كل عام لانعقاد المؤتمر، ونحن نفهم أن هذا الأسبوع يعلو فيه صوت الحزب الوطني من خلال أنشطة أو اجتماعات أو مؤتمرات حزبية، والطبيعي أن تكون هذه مناسبة لمهاجمة الحزب، فنجد تزايد انتقادات المعارضة. وهناك، مثلاً، مجموعة من الشباب تقول إنها ستعقد مؤتمراً موازياً للحزب»، في إشارة إلى شباب «حركة 6 أبريل». وقال: «إننا نرصد ونتابع ونستمع لكل تلك التحركات ونضعها في الاعتبار، فإذا وجدنا في ما يقوله المعارضون شيئاً يفيدنا فنستفيد منه، أما إذا كان ما يقولونه مجرد أسباب أو إهانات فنلقي بها خلف ظهرنا». وأشار هلال إلى أن «مؤتمر الحزب هذا العام لن يشهد تغييرات في الإطار التنظيمي وتصعيد لقيادات». وأوضح: «في العادة التغييرات في القيادات تكون في المؤتمرات العامة للحزب التي تعقد كل 4 سنوات». ولفت إلى أن «الوطني سيسعى ليس فقط إلى الحفاظ على مكاسبه في الانتخابات الماضية وإنما هناك 88 مقعداً لم نحصل فيها على نواب (في إشارة إلى عدد المقاعد التي تمكنت جماعة «الإخوان المسلمين» من حصدها)، وعلينا أن نختار من هم أفضل العناصر للمنافسة على تلك المقاعد، وهل سيكون المرشح نفسه الذي خاض الانتخابات في العام 2005 ولم يوفق، أم سندفع بآخرين؟».