أثمرت «الكيمياء» الشخصية بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الأميركي باراك أوباما، «اختراقاً» في التعاون النووي المدني، إضافة إلى اتفاق دفاعي بين البلدين اللذين يسعيان إلى إقامة شراكة استراتيجية تتيح موازنة النفوذ الصيني المتصاعد في آسيا. وبعد اشهر على زيارة مودي واشنطن، بات أوباما أول رئيس أميركي يزور الهند مرتين خلال عهده. وكان لافتاً أن رئيس الوزراء الهندي خالف قواعد البروتوكول وعانق الرئيس الأميركي بحرارة، لدى نزوله من الطائرة في نيودلهي، وخاطبه باسمه الأول، علماً أن مودي الذي تسلّم منصبه عام 2014، كان حتى قبل سنة ممنوعاً من دخول الولاياتالمتحدة بسبب عنف طاول مسلمين عام 2002، في ولاية غوجارات التي كان حاكماً لها. وسيكون أوباما أول رئيس أميركي يحلّ ضيف شرف على احتفالات يوم الجمهورية المرتقبة اليوم، بدعوة شخصية من مودي. أوباما الذي وضع إكليلاً من الزهر عند ضريح المهاتما غاندي، تحدّث بكلمات باللغة الهندوسية، وزاد في مؤتمر صحافي مع مودي: «إضافة إلى الصداقة الشخصية، نعكس أيضاً الدفء والمحبة بين الشعبين الهندي والأميركي، وليس مفاجئاً أن تكون بيننا صداقة، اذ نعكس قيم شعبينا». وأشار مودي إلى «رابط وصداقة قويَّين بيني وبين باراك، يمكننا أن نضحك ونتحدث بيسرٍ على الهاتف. هذه الكيمياء التي قرّبتنا أنا وباراك في شكل أكبر، قرّبت أيضاً بين واشنطن ودلهي وشعبَي البلدين في شكل أكبر». وأضاف: «علينا تحويل بداية جيدة، تقدّماً دائماً، وهذا يتطلب ترجمة رؤيتنا إلى عمل مستدام وإنجازات ملموسة». وكانت نيودلهيوواشنطن وقّعتا عام 2008 اتفاقاً يتيح للهند الحصول على تكنولوجيا نووية مدنية، لكنه لم يُنفَّذ بسبب تردّد نيودلهي في إقرار قانون يحمي المصدّرين من المسؤولية في حال وقوع حادث نووي، إضافة إلى إصرار الولاياتالمتحدة على تتبّع مكان وجود المواد الذرية المصدَّرة إلى الهند. وأعلن مودي أن البلدين «يتقدمان في اتجاه تعاون تجاري، بما يتناسب مع قوانيننا ومع الالتزامات القانونية الدولية»، فيما قال أوباما: «حققنا تفاهماً يُعتبر اختراقاً في شأن مسألتين كانتا تعرقلان قدرتنا على دفع تعاوننا النووي المدني، ونحن ملتزمون التحرّك لتطبيق الاتفاق في شكل كامل. هذه خطوة مهمة تُظهر كيف أننا قادرون على العمل معاً لتعزيز علاقتنا». كما أبرم الجانبان اتفاقاً للتعاون الدفاعي يتضمن إنتاجاً مشتركاً لطائرات بلا طيار ومعدات لطائرة النقل العسكري من طراز «سي - 130» التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن». واتفق البلدان أيضاً على مبادرات تمويل هدفها مساعدة الهند في زيادة استخدامها الطاقة المتجددة. وفي إشارة ضمنية إلى بكين، أكد مودي وأوباما في بيان «أهمية حفظ الأمن البحري وضمان حرية الملاحة والتحليق في المنطقة، خصوصاً في بحر الصين الجنوبي». وزاد التبادل التجاري بين الهندوالولاياتالمتحدة 5 مرات منذ العام 2000، إذ بلغ 100 بليون دولار سنوياً. وتسعى واشنطن إلى زيادة هذا الرقم 5 مرات خلال السنوات المقبلة. وخلال زيارته نيودلهي، تطرّق أوباما إلى مسائل دولية، اذ أكد أن الفراغ السياسي في اليمن لم يؤدِ إلى «تجميد نشاطاتنا في مكافحة الإرهاب». وأضاف: «أولويتنا هي إبقاء الضغط على (تنظيم) القاعدة في اليمن، وهذا ما نفعله، ولو في مناخ صعب». ودعا جميع الأطراف إلى اعتماد «وسائل سياسية، لا عسكرية، لتسوية خلافاتهم». وأعرب أوباما عن «قلق بالغ» إزاء انهيار وقف النار في شرق أوكرانيا، متعهداً «تصعيد الضغط على روسيا ومناقشة كل الخيارات الأخرى المتاحة، غير المواجهة العسكرية».