لقِي رئيس الوزراء الهندي المنتخب ناريندرا مودي «استقبال الأبطال» من آلاف المؤيدين لدى وصوله إلى نيودلهي غداة انتصاره الساحق في الانتخابات الاشتراعية، وإطاحته أسرة نهرو - غاندي الحاكمة، في تغير سياسي جذري سيمنح الزعيم القومي الهندوسي وحزبه «بهاراتيا جاناتا» تفويضاً لإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة. وكسب حزب «بهاراتيا جاناتا»، بحسب النتائج النهائية 282 مقعداً في البرلمان، أي أكثر بعشرة مقاعد من الغالبية المطلوبة للفوز. ويتجه الحزب مع باقي الأحزاب المتحالفة معه إلى تحقيق غالبية مريحة تتجاوز 337 مقعداً. ورفع مودي (63 سنة) إشارة النصر لدى خروجه من مطار نيودلهي الذي وصله من ولاية غوجارات (غرب)، قبل أن يطوف في موكب بالعاصمة للاحتفال بالفوز. واتسم الخطاب الأول لمودي بلهجة جامعة، إذ قلل مودي من مخاوف أن تؤدي التوجهات القومية الهندوسية في حزب «بهاراتيا جاناتا» إلى تهميش الأقليات، وقال: «عهد السياسة المسببة للخلافات انتهى، وستنطلق سياسة توحيد الناس بدءاً من اليوم». ووعد مودي بأن يكون القرن الحادي والعشرين «قرن الهند»، علماً أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته مانموهان سينغ الذي مُنِي حزب المؤتمر الذي ينتمي إليه بهزيمة مريرة، قال في كلمة أخيرة وجهها إلى الأمة: «أثق بمستقبل الهند، وأعتقد بأن حان وقت ظهورها كقوة كبيرة في الاقتصاد العالمي المتطور». وبخلاف سينغ ورؤساء وزراء سابقين لن يضطر مودي إلى التعامل مع شركاء عنيدين لتنفيذ الإصلاح، ما قد يؤدي إلى تغييرات اقتصادية جذرية، علماً أن بعض مؤيديه يتعبرونه المعادل الهندي لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر. لكن محللين حذروا من أن الاعتقاد بإمكان تحويل مودي الهند بسرعة إلى دولة صناعية، ليس إلا تبسيطاً للأمور، فهي تعاني من ركود تضخمي، مع هبوط نسبة النمو إلى 4,9 في المئة مقارنة ب9 المئة قبل عامين، فيما بلغ تضخم الأسعار على المستهلكين 8,6 في المئة، وهي أعلى نسبة بين القوى الاقتصادية الناشئة الكبيرة. إضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد الهندي من قوانين العمل الصارمة التي تسمح بتوظيف عمال وطردهم، ما لا يشجع أرباب العمل على توظيف عمال جدد. أما البنية التحتية الضرورية فسيئة في أنحاء كبيرة من البلاد، يضاف إليها قانون جديد متعلق بشراء الأراضي زاد تعقيد عملية شراء مساحات لبناء مصانع جديدة. ويرى آرون جايتلي، المرجح تعيينه وزيراً للمال، أن الاحتمالات ضئيلة لتحقيق إصلاحات مبكرة في سوق العمل، أو أي إصلاح كبير للبرامج الاجتماعية الموضوعة لمصلحة الفقراء. أما الخبير الاقتصادي في «جي بي مورغان – الهند» سجيد شينوي فحذر من المبالغة في التطلعات مشيراً إلى أنه «بموجب النظام الفيديرالي للهند تخرج نسبة 75 إلى 80 في المئة من المشاكل على الأرض من سلطة الحكومة المركزية». إلى ذلك، كتب رئيس تحرير صحيفة «انديان اكسبرس» شيخار غوبتا: «منح الشعب مودي صلاحية لتغيير التاريخ، ويجب أن يعمل بكثير من الاحتراس». وزاد: «ليس الوقت للاعتداد بغالبية، ولا يمكن حكم أمة متنوعة مثل أمتنا إذا كانت أقليات كثيرة تشعر بعدم الأمان والتهميش وسوء التمثيل». ولفتت صحيفة «تايمز أوف إنديا» إلى أنه لم يكن هناك أبداً هذا العدد القليل من المسلمين المنتخبين في البرلمان منذ عام 1952. وتلقى «الرجل القوي» الجديد في الهند الذي تثير شخصيته انقساماً عميقاً، تهاني قادة العالم بالفوز. ودعاه الرئيس الأميركي باراك أوباما، في اتصال هاتفي للتهنئة، إلى زيارة واشنطن في وقت يناسب الطرفين، وأبلغه أنه يتطلع إلى العمل في شكل وثيق مع حكومته في سبيل الوفاء بوعد إنشاء شراكة أميركية هندية. واتفق الطرفان على الاستمرار في توسيع التعاون بين «الديمقراطيتين» وتعميقه، علماً أن مودي كان مُنِع من دخول الولاياتالمتحدة عام 2005، على خلفية مقتل آلاف المسلمين في ولاية غوجارات لدى توليه رئاسة الوزراء عام 2002. لكن المحكمة رأت أنه لا يمكن رفع قضية ضده، ما أهلّه لنيل تأشيرة دخول إلى الولاياتالمتحدة.