تدافعت مجموعة من العوامل من أجل إطلاق موجة جديدة من اتصالات المرحلة النهائية من تأليف الحكومة اللبنانية. فاجتمع عصر أمس رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون في دارة الأخير، للبحث في البدائل المرضية له تعويضاً عن عدم إسناد حقيبة الاتصالات الى وزير من تياره. وإذ اكتفى الحريري بالقول بعد الاجتماع المنفرد الذي استمر ساعة وعشر دقائق إن «الأجواء إيجابية وإن شاء الله خير»، فإن مصادر مطلعة تحدثت عن تضافر مجموعة من الجهود من أجل تسريع التأليف وإزالة العقد، رفدت الاتصالات بين الحريري وعون، ومهدت لمناخ إيجابي للاجتماع. وكشفت مصادر متعددة ل «الحياة» أن رئيس»كتلة لبنان الموحد» النائب سليمان فرنجية لعب دوراً في الاتصالات التمهيدية بين الحريري وعون، بعيداً من الأضواء، وشجع عون على إبداء الإيجابية واقترح على الحريري أفكاراً في شأن ما يمكن أن يرضي الجنرال. وزادت المصادر أن المواقف الخارجية التي صدرت في الأيام الماضية بالدعوة الى تسريع تأليف الحكومة وضعت الفرقاء جميعاً والمعارضة أمام مسؤولية العمل في سرعة على إزالة العراقيل، ومنها إعلان الرئيس السوري بشار الأسد قبل 3 أيام أن سورية مع الإسراع في تأليف الحكومة في لبنان ليتمكن من أن يلعب دوره، وزيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي دعا الى ذلك أيضاً محذراً من المخاطر المحدقة بالمنطقة، انتهاء بإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما تمنيه تأليف الحكومة قريباً أول من أمس. وعلم أن الأسد أتبع موقفه بعدد من الاتصالات مع فرقاء لبنانيين، بدءاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وانتهاء بقيادات في القوى الحليفة لدمشق نصح فيها بتسريع تأليف الحكومة وحض على الانتهاء من أزمة التأليف. وأوضحت مصادر موثوق بها ل «الحياة» أن الأسد أبلغ الرئيس سليمان أن دمشق جدية في الدعوة الى تسريع إزالة العراقيل، وسأله عن أسباب التأخر وأن الرئيس اللبناني عرض له مواقف الفرقاء، مشيراً الى الأدوار الإيجابية التي يلعبها بعضهم لتسهيل تأليف الحكومة، كما أطلعه على الاتصالات التي يجريها الحريري. وقال سليمان للأسد أنه بات واجباً إنجاز الحكومة ولم يعد ممكناً التأخير. وعلم أن اتصالات الأسد هذه جاءت في ضوء استمرار الاتصالات السعودية – السورية في شكل شبه يومي لمتابعة المواضيع التي أثيرت خلال القمة السعودية – السورية في السابع من الجاري في دمشق، إن على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد اللبناني. وأوضحت أوساط مطلعة على مناخ التفاهمات السعودية – السورية، أن التواصل الثنائي بين الرياضودمشق يشمل كل المواضيع التي جرى تناولها في القمة والتي تشهد تطورات إيجابية في ترسيخ هذه التفاهمات والتي تتعدى لبنان الى عناوين أخرى أكثر أهمية. وقالت هذه الأوساط أن هذه التطورات كان لا بد من أن ترخي بظلالها على الوضع اللبناني، خصوصاً بعد تأخر تأليف الحكومة التي دعمت قمة دمشق الإسراع في إنجازها. إلا أن التكتم ساد على نتائج زيارة الحريري لعون أمس جرياً على عادة الصمت التي كانا درجا عليها منذ بدء اتصالاتهما الثنائية، واكتفت أوساط قريبة من الحريري بالقول إن «هناك انفتاحاً من الرئيس المكلّف على مناقشة البدائل مع العماد عون». وكان عون أبلغ عدداً من حلفائه، قبل لقائه الحريري، أنه سيتعاطى بانفتاح في التفاوض مع الأخير. وقالت مصادر في المعارضة أن عون لن يتمسك بحقيبة الاتصالات، لكنه يريد بديلاً منها حقيبة لها وزنها. وأضافت: «أن المعروض على زعيم «التيار الوطني» حقائب: التربية، الشؤون الاجتماعية، شؤون المهجرين ووزارة الثقافة، إضافة الى وزير دولة من كتلة النائب سليمان فرنجية العضو في «تكتل التغيير والإصلاح»، لكن عون يعتبر أن هذه السلة غير كافية وتحتاج الى تعزيزها بحقيبة أخرى غير الثقافة تتسم بأهمية، نظراً الى أن وزارة الثقافة لا تقدم خدمات وليس لها طابع سياسي. وأوضحت المصادر أنه ربما كان إيكال حقيبة العدل بدلاً منها يرضي العماد عون، هذا فضلاً عن أن حقيبة المهجرين في ظل عدم وجود المال لاستكمال عودة المهجرين ستضع تكتل عون في موقع حرج إذا لم يتمكن وزيره من إنجاز المهمة نتيجة شح التمويل. إلا أن مصادر مطلعة قالت إن عرض حقيبة المهجرين على عون سيقترن مع تعهد بتأمين المال اللازم لها لإنجاز الملف والمساعدة سياسياً في تحقيق العودة. واستبعدت المصادر إسناد حقيبة العدل الى تكتل عون. وكان وزير الخارجية الفرنسي خرج بعد لقائه مع العماد عون ليل أول من أمس بانطباع أن تشدد الأخير «لا يعني عودة الأمور الى نقطة الصفر بينه وبين الرئيس الحريري بل إن المفاوضات ستستمر». وعلمت «الحياة» أن عون أوحى لكوشنير بأن حصول وزرائه على حقيبة أساسية وحقيبتين متوسطتي الأهمية وحقيبة رابعة خلال حواره مع الحريري سيؤدي الى حلحلة العقد من أمام تأليف الحكومة. كما أن الجانب الفرنسي فهم من عون أنه يكتفي بخمسة وزراء لتكتله وأنه لا يصر على ما طرحه بأنه يحق له الحصول على 6 وزراء. وعقد كوشنير خلوة مع عون حضه خلالها على تسهيل تأليف الحكومة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» النائب السابق عمار الموسوي أوضح لكوشنير أن الحزب يعتبر أنه يمكن التوصل الى إنجاز الحكومة بتفاهم عون والحريري على إرضاء الأوّل. وأشارت المصادر الى أن «حزب الله» اعتبر أن التفاوض مع عون يجب أن يتم على قاعدة تفهم موقفه وظروفه ومطالبه وأن العلاقة الشخصية معه وتعزيزها والطريقة الإيجابية في طرح الأمور له، أمور مفيدة في تخطي الصعوبات والتوصل الى اتفاق معه.