أكد رئيس مركز الشارقة الإعلامي الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، أن الاتصال الحكومي يواجه تحديات عدة في المنطقة العربية، أبرزها عدم توافر إدارات متخصصة في هذا الشأن على مستوى بعض الإدارات الحكومية، معتبراً أن دمج عمل العلاقات العامة بالاتصال الحكومي يعدّ من بين الأخطاء المهنية الشائعة، ويعكس عدم إدراك أهمية الاتصال الحكومي والغاية منه وكيفية التعامل مع الرسائل الموجهة إلى الجمهور المستهدف. وأوضح القاسمي أن مجموعة من الجهات الحكومية في الوطن العربي لا تزال تفتقر إلى مهارات الاتصال بالجمهور، كما أنها لا تُحسن التعاطي مع الأزمات في حال حدوثها، لافتاً إلى أنه على رغم التطوّر الذي باتت تشهده بعض الأجهزة الحكومية، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من الجهود؛ لتحقيق اتصال حكومي فعّال وإيجابي. وقال القاسمي ل«الحياة»: «ما يدفع بعض الحكومات العربية إلى عدم تفعيل الاتصال بشعوبها، هو صعوبة تغيير أنماط الاتصال التقليدية التي اتبعتها عقوداً مضت، وكذلك عدم توافر المعرفة أو الآلية الصحيحة لإجراء هذا التغيير، وأيضاً عدم توافر الكوادر القادرة على مجاراة هذا التغيير، فالمتابع للوضع السائد عربياً الآن، يجد أن قدرة الجمهور تطورت على مستوى تناقل الأخبار بشكل مباشر، ومن دون الحاجة إلى المرور بالوسيط التقليدي، وهو الإعلام للقيام بذلك، والأخطر من ذلك أنه بات هناك إمكان لترويج الإشاعات ونشرها بسهولة، وهو ما يعني أن إدارات الاتصال الحكومي اليوم أصبح على عاتقها مسؤولية أكبر بكثير من تلك التي كانت في السابق، إذ بات من المستحيل انتظار المسؤول للإدلاء بتصريح رسمي لكل ما تتناوله وسائل الإعلام الاجتماعي مثلاً، فهذه المسؤولية تقع على عاتق فريق الاتصال الحكومي، ولكي يتمكن هذا الفريق من القيام بهذا الدور، عليه اتباع خطة اتصال واضحة موضوعة مسبقاً، وأن يتمتع بالإمكانات والصلاحيات اللازمة التي تسهم في تصحيح الأمور ودعم صدقية الجهة التي يمثلها بدلاً من أن يزيد في تعقيدها». واعتبر أن الأعوام الخمسة الماضية أظهرت شيئاً من الاهتمام لدى الحكومات العربية في عملية تفعيل الاتصال الحكومي، مشيراً إلى أن «الربيع العربي» دقّ ناقوس الخطر، ليشير إلى أن الحكومات التي لا تزال تصرّ على اتباع سياسات التعتيم الإعلامي أو عدم الرد، أو في ما يُسمى سياسية الاتصال من طرف واحد، وستواجه مجموعة من المشكلات والتحديات والتغيرات التي يمكن تفاديها، منوّهاً بأنه في ظل تغيّر تقنيات الاتصال ووسائله وأساليبه وعدم اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام التقليدية للحصول على الأخبار يتطلّب تحرّكاً من الحكومات؛ لكسب ثقة شعوبها وإثبات صدقيتها، كون الوسائل الجديدة تستوجب سرعة استجابة وشفافية بالغة ترافقها القدرة على التعامل مع الأزمات. وأضاف: «للاتصال الحكومي أهمية في دعم صدقية الحكومات مع شعوبها، وهو ما لا يتحقق من دون الوصول إلى الحد الأدنى من الشفافية في الإجابة على متطلبات الجمهور واستفساراته وتساؤلاته، علماً بأن الاتصال الحكومي اليوم يعدّ سلاحاً ذا حدين، فهو إما أداة لتوثيق العلاقة بين الحكومات والشعوب، أو أداة لهدمها، أمّا في ما قد يراه بعضهم بأن الشعوب العربية متأخرة، مقارنة ببعض دول العالم، فإننا نؤكد أن شعوبنا على المستوى التكنولوجي ليست متأخرة، فمعدلات مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج العربي مثلاً تفوق معدلات دول متقدمة، إلا أن التأخر الحاصل هو على صعيد التطور نحو تبنّي آليات الاتصال الحديثة، وتغيير الفهم الخاطئ بأنها سلاح بيد الطرفين، بل كونها أداة اتصال فعال تسهم في التقريب بين الحكومات والشعوب، فهذا الواقع يُظهر أن هناك ثغرة في سرعة مواكبة الحكومات في الدول العربية للتغيرات في تقنيات الاتصال الحكومي، فالعالم لا يزال يتأقلم مع التطور والانتشار السريع لوسائل الإعلام الاجتماعية، ويدرس تأثيرها في المجتمعات وعملية التواصل والاتصال بشكل عام، ولا تزال معظم آليات وأساليب التعامل معها طور التقدم أو في ما يمكن تسميته بمرحلة التعلم والتصحيح». ... ويدعو إلى عدم إخفاء «الأخبار الصحيحة» شدّد رئيس مركز الشارقة الإعلامي الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي على أن التباطؤ في استجابة الجهات الحكومية يسهم في ضعف صورتها، لافتاً إلى أن الأخبار الصحيحة خلال الأزمات مثلاً لا يجب إخفاؤها عن الشعوب، وإنما إيضاحها بالتفصيل مع الخطوات التي ستتبعها الحكومة في معالجة هذه الأزمة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإشاعات، فهي بحاجة إلى استجابة سريعة مدعومة بالبراهين، لتأكيد عدم صحتها، معتبراً أن الاستجابة السريعة والصحيحة لما تتداوله وسائل الإعلام الجديدة هي إحدى أهم الطرق نحو مجتمعات أكثر رضا واستقراراً وأمناً. وعن دور إدارات العلاقات العامة والإعلام في الجهات الحكومية خليجياً وعربياً، أوضح أنه في ظل الانتشار الهائل لوسائل الإعلام الاجتماعي، فإن الوسائل التقليدية لم تعدّ الوحيدة للتواصل بين الحكومات والشعوب، لافتاً إلى أن الوسائل الجديدة أزالت «الستارة الوهمية» التي كانت موجودة بين الجمهور وإدارات العلاقات العامة، واختصرت المسافات وأصبح بإمكان الجمهور كتابة تعليق أو إبداء رأيه أو تقديم شكوى من خلال الصفحات الرسمية لوسائل الاتصال الاجتماعي التابعة لمؤسسة ما، وهو ما يتطلب استجابة سريعة ورسمية من إدارات العلاقات العامة. وتابع: «لقد كبر دور إدارات العلاقات العامة، وباتت الجهة المسؤولة عن تطوير عملية الاتصال الحكومي بين الجهات الحكومية، ومع وسائل الإعلام، وكذلك مع الجمهور، ونظراً إلى تلك الأهمية تمّت التوصية في الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي بضرورة تغيير مسمّى إدارات العلاقات العامة إلى إدارات الاتصال الحكومي، توضيحاً لهذا الدور الجديد».