جدّد اقتصاديون مطالبتهم بضرورة الاستمرار في تنويع مداخيل الاقتصاد، وعدم الاعتماد على النفط وحده كمصدر للدخل، وذلك بهدف حماية موارد الدولة من تقلبات أسعار النفط، خصوصاً بعد تراجع صادرات المملكة من البتروكيماويات.وأكدوا ل«الحياة» أهمية عدم الاعتماد كلياً على النفط، واستغلال الإيرادات النفطية في بناء استثمارات قوية تؤسس لاقتصاد قادر على الصمود، والاستمرار من دون النفط. وكانت بيانات رسمية أفادت بأن صادرات السعودية من البتروكيماويات سجلت تراجعاً سنوياً أكبر في تموز (يوليو)، وسط تباطؤ للطلب الخارجي، وبلغت نسبة الانخفاض 27.8 في المئة. وذكرت بيانات مصلحة الإحصاءات والمعلومات السعودية، أن قيمة صادرات البتروكيماويات بلغت 2.49 بليون ريال في يوليو، مشيرة إلى أن صادرات البتروكيماويات سجلت في الربع الثاني من العام الحالي 7.02 بليون ريال، في مقابل 9.02 بليون ريال للفترة نفسها من العام الماضي. وقال المحلل المالي والاقتصادي ياسر الأحمدي: «إن النفط مورد ناضب، لذلك قد نواجه مشكلات في المستقبل إذا استمرت الحال على ما هي عليه، ومن الضروري استغلال إيرادات النفط في تأسيس اقتصاد قوي يقوم على الصناعات المنتجة وغير المعتمدة على النفط». وأوضح أن الدراسات أشارت إلى أن مستويات الإنتاجية في اقتصادات منطقة الخليج العربي تتسم بأنها متواضعة أو متدنية، مقارنة بمناطق أخرى في العالم، كما أن الاعتماد الزائد على النفط والغاز يشكّل تهديداً لمستقبل النمو الاقتصادي في المنطقة. وأضاف الأحمدي: «السعودية نجحت في تنويع المصادر من خلال شركة سابك، لكن لا بد من استحداث المزيد من مثل هذه المشاريع». من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور فاروق الخطيب، أن الدول النامية مشهورة بتصدير المواد الأولية، ولكن مع التطور أصبح هناك اهتمام بالصناعة، لأن الاعتماد على منتج واحد جعل هذه الدول مرهونة بسعر هذا المنتج، ومن المهم أن يكون هناك اهتمام جاد بالاستمرار في تنويع مداخيل الاقتصاد. وأشار إلى أن الاعتماد كلياً على النفط كان مقبولاً في السابق، وعندما بدأنا في خطة التنمية في السعودية عام 1390ه، وجدنا من الضروري تنويع مصادر الدخل التي كانت تعتمد على مصدر واحد، وكان لا بد من تنويع القاعدة الإنتاجية لتوفير ما يحتاجه المواطنون، وتم بالفعل البدء في تنويع مصادر الدخل، إذ كان يوجد في السعودية سابقاً 150 مصنعاً فقط، وحالياً يوجد أكثر من أربعة آلاف مصنع، ولكن هذا لا يعني أن نقف إلى هذا الحد، ولا بد من الاستمرار في إيجاد البدائل، والتنويع في مداخيل الاقتصاد. أما أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي، فأوضح أن أية دولة نامية تعتمد على مصدر وحيد للدخل تعاني من خلل في الهيكل الاقتصادي، ولحل هذا الخلل لا بد من تنويع مصادر الدخل لديها. وقال فيلالي: «إن السعودية تعتمد اعتماداً كبيراً على صادرات النفط، ولا بد من تنويع مصادر الدخل، وإنشاء المدن الصناعية في الجبيل وينبع أحد أهم أشكال هذا التوجه، وكذلك السماح للمصانع والقطاع الخاص بتصنيع الصناعات غير النفطية، وبذلك بدأت السعودية في تنويع مصادر الدخل، ولكن الوقوف عند هذا الحد لا يكفي، فلا بد من الاستمرار بشكل مكثف في التنويع في مصادر الاقتصاد السعودي». وحول انخفاض صادرات السعودية من البتروكيماويات، عزا فيلالي ذلك إلى الركود الحاصل في العالم، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.