يفتتح الرئيس حسني مبارك المؤتمر السنوي السادس للحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) في مصر نهاية الشهر تحت شعار «من أجلك أنت». وستهيمن استعدادات «الوطني» لاستحقاقات برلمانية (انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وكامل مجلس الشعب) تعقد العام المقبل على فاعليات المؤتمر. وبدا من الشعار الذي رفعه الحزب الحاكم أن «الوطني» سيسعى بكل قواه إلى «ترسيخ شعبيته» خلال الفترة التي تعقب المؤتمر، خصوصاً في ظل مساع لإنشاء تكتلات بين قوى المعارضة لمنع «الوطني» من الحصول على الغالبية النيابية. وأكد الحزب الحاكم في مصر خلال الأيام الماضية أن قضايا المواطن ومشكلاته وتطلعاته تأتي في طليعة اهتماماته، مشدداً على أن السياسات التي يتبناها الحزب وحكومته تسعى إلى الارتقاء بمستوى حياة المواطن البسيط. وكما هو معتاد في مثل هذه الأيام من كل عام، وُجِه مؤتمر الوطني بحملات نقد شديدة إذ كرر معارضون انتقاداتهم لقادة الحزب واتهموه ب «عدم مراعاة الاحتياجات الأساسية للمواطن البسيط». وأكد ل «الحياة» أمين التثقيف والتدريب في الحزب الوطني عضو لجنة السياسات الدكتور محمد كمال أن انتقادات المعارضة أضافت حالة من «الزخم» المفيد للحياة السياسية في مصر. غير أنه رأى «أن المعارضة يجب عليها ألا تكتفي بانتقاد سياسات الحزب الوطني فقط وإنما من الضروري أن تطرح بدائل». وأوضح أن شعار «من أجلك أنت» الذي رفعه الوطني هذا العام «يعكس اهتمام الحزب بقضايا المواطن ومشكلاته وتطلعاته»، مشيراً إلى أن «كل أوراق الحزب في المؤتمر هدفها الأول المواطن المصري وعلى وجه التحديد الموطن البسيط». ولفت إلى أن «مؤتمر هذا العام مختلف في القضايا التي سيتم طرحها حيث يتم التركيز على قضايا بعينها تستحوذ اهتمام المواطن المصري». وقال: «تم تحديدها ووضع أوراق عمل لحل المشاكل والقضايا التي تحظى باهتمام الرأي العام وفي طليعتها تطوير نظام الثانوية العامة وأزمات النقل والمواصلات وقضية سُكّان العشوائيات وكذلك كيفية التغلب على مشكلة إدمان الشباب». وأكد الدكتور كمال في تصريحاته إلى «الحياة» أن هذا الشعار «مرتبط أيضاً باستعدادات الحزب لدخول انتخابات البرلمان بغرفتيه (تجديد نصف مجلس الشورى وكل مجلس الشعب) ... بما يعطي دليلاً على أن الحزب ومرشحيه في الانتخابات جاؤوا من أجل خدمة المواطن». وقال: «المسألة مرتبطة بترتيبات المرحلة المقبلة». وأعلن كمال أن «المؤتمر لن يشهد أي تغييرات في المناصب القيادية أو الهيكل التنظيمي للحزب»، مشيراً إلى أن «مسألة الانتخابات ستناقش مع طرح الخطوط العريضة للبرنامج الانتخابي للوطني». لكنه في الوقت ذاته نفى أن «يختار الحزب أسماء بعينها خلال المؤتمر لدخول الانتخابات». وقال: «هناك جهات داخل الحزب مسؤولة عن بحث أسماء المرشحين والمعايير التي يتم عليها بناء الاختيار. لكن المؤتمر سيطرح السياسات التي سيستند إليها البرنامج الانتخابي لمرشحي الحزب الوطني... وخلال الفترة التي تعقب المؤتمر سيتم إجراء تقويم عام لأعضاء الحزب في البرلمان الحالي والبحث في إمكان الدفع بمرشحين جدد». وأوضح أن «العنصر الأساسي في اختيارات الحزب لمرشحيه يختلف من انتخابات إلى أخرى، فاختيار مرشحي الحزب في انتخابات المجالس المحلية التي أجريت في نيسان (أبريل) الماضي كان من خلال الدفع بعناصر وكوادر جديدة لتجديد الدماء. أما انتخابات مجلس الشعب فالمعيار الأساسي فيها سيكون مدى شعبية المرشح، والمسألة هنا تكون في غاية الصعوبة نتيجة كثرة أعداد الأعضاء مع تزايد الطموح الشرعي لدى هؤلاء الأعضاء في تمثيل الحزب داخل البرلمان». ويرى كمال أن الانتخابات المقبلة في «غاية الأهمية... إذ أنها تأتي في وقت بات المواطن المصري أكثر اهتماماً بالسياسة، وهذا ما تخلص إليه استطلاعات الرأي التي أجريت خلال العامين الماضيين». ويأتي هذا الاهتمام المتزايد، بحسب أمين تثقيف الوطني، بسبب «حرية الإعلام غير المسبوقة التي تشهدها البلاد وتأثيرها على الرأي العام في مصر... فالإعلام بات أكثر تأثيراً على المواطن من مؤسسات وهيئات مجتمعية». وأشار إلى أن «هذا الاهتمام سينعكس على الانتخابات المقبلة، وأتوقع أن تكون نسبة الإقبال أكبر على المشاركة مقارنة مع الأعوام الماضية». وأكد كمال أن الانتخابات المقبلة «ستكون أكثر تنافسية سواء من قبل مرشحي جماعة الإخوان المسلمين أو أحزاب المعارضة أو حتى المستقلين». وأوضح أن «الانتخابات في مصر تعتمد بالأساس على شعبية المرشح وليس على انتمائه إلى أيديولوجية أو فصيل معين، وإنما الاهتمام يأتي بمدى شعبية المرشح في الدائرة». وشدد على أن مسألة تسمية مرشح الحزب لخوض انتخابات الرئاسة «غير واردة على أجندة المؤتمر ومن المبكر جداً الحديث في هذا الأمر. لدينا استحقاقات مهمة وبعدها يتم التفكير»، مشيراً إلى أن الضجة الإعلامية حول انتخابات الرئاسة والمقرر عقدها العام 2011 «بدأت في أعقاب انتخابات العام 2005 بأسابيع عدة». وقال: «الكلام مبالغ فيه ومن المبكر الحديث عن هذا الأمر وليس من الحكمة أن يعلن الحزب الوطني عن مرشحه مبكراً... هناك مواعيد أقرها الدستور في مصر لإعلان مرشح الرئاسة... لكن المسألة ليست اسم المرشح. يجب أن نتحدث أولاً عن القضايا الأكثر عمقاً مثل شكل النظام السياسي في مصر كذلك كيف تكون الانتخابات أكثر تنافسية وأرى أن هذه القضايا الأهم». ورأى كمال أن ما يثار عن ترشح شخصيات ذات ثقل لدى الرأي العام في طليعتها العالم المصري الدكتور أحمد زويل والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «مجرد افتراضات صحافية هي التي تروج لهؤلاء»، مؤكداً أن «أي شخص من حقه أن يرشح نفسه لكن المهم أن تنطبق عليه شروط الترشيح، ومن المثير أن ما يتم طرحه من أسماء لا تنطبق عليهم قواعد الترشيح». وقال: «هذه إثارة إعلامية لا نهتم بها كثيراً ونتمنى أن تكون الانتخابات المقبلة تعددية وتتضمن معايير النزاهة». وفي شأن ترشيح الحزب أمين السياسات جمال مبارك أو ما تعتبره المعارضة «توريثاً للحكم»، أكد كمال أن «هذا الحديث ليس بجديد وبدأ منذ العام 2001 ويزداد على رغم التعديلات التي أجريت على الدستور». ورأى أن « البعض بات يمتهن هذه القضية بمعنى تبني طرح هذا الموضوع إعلامياً وبالتالي يحظى بالشهرة». وقال: «هذا الأمر سيستمر ولا جديد فيه والرئيس مبارك وأمين السياسات تحدثوا فيه أكثر من مرة بشكل واضح». ولفت إلى أن «الحزب الوطني يمول المؤتمر من موازنته التي تخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات و «تأتي من تبرعات الأعضاء واشتراكات العضوية»، مشيراً إلى أن «أي عضو في الحزب من حقه التبرع لكن هذه التبرعات ليست مخصصة للمؤتمر أو نشاط أمانة بعينها وإنما تذهب إلى الموازنة العامة والتي تصب في نشاط الوطني في النهاية».