افتتحت قاعة عرض «القبة السماوية» بعد تجديدها باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية الرقمية. وأُدخِل إليها نظام «ديجيستار 3» Digistar-3 الرقمي المتكامل، الذي يغني عن الحاجة إلى المعدات التقليدية كأجهزة عرض الشرائح والفيديو وأدوات عرض المؤثرات الخاصة.والمعلوم ان مكتبة الاسكندرية افتتحت «القبة السماوية» عام 2002 كمنشأة علمية تكنولوجية لتكون أداة تعليمية وترفيهية. ومسرح «القبة السماوية» نصف كروي قطره 14 متراً ويتسع لمئة مقعد، ترتصف في شكل مائل، ما يمنح المتفرجين رؤية شاملة للشاشة بمقدار 360 درجة، فيكشف أمام أعينهم سطح «القبة السماوية» كاملاً. وفي تصريح الى «الحياة»، قالت المهندسة هدى الميقاتي مديرة «مركز القبة السماوية العلمي»: «إن وزارة السياحة المصرية ساهمت في شكل كبير في تطوير قاعة العرض التي أصبحت تتكون من مجموعة كبيرة من الخاصيات الفلكية الثلاثية الأبعاد، مع قاعدة بيانات هائلة للأجرام السماوية، ما يمكّن المشاهدين من استكشاف الكون في شكل غير مسبوق. ومن المقرر أن تشهد القبة مزيداً من التطوير خلال الشهور المقبلة من خلال استخدام الخاصيات الفلكية الرباعية الأبعاد، التي يقدّمها برنامج «ديجيستار 4». ولاحظت الميقاتي ان ذلك الأمر يدل على حرص مكتبة الاسكندرية على مواكبة أحدث الأجهزة العالمية المستخدمة داخل مشاريع القباب السماوية عالمياً. وأضافت الميقاتي أن «القبة السماوية» تعتبر أحد مراكز العلوم غير الرسمية التي تجعل الأطفال وطلاب المدارس يتجهون إلى حب الجانب العلمي، وأن يتفهموا أن هذا العلم مرتبط بالحياة اليومية، وأنه مكوّن أساسي في التكنولوجيا التي نستعملها يومياً. ولاحظت أن هذه الفئة العمرية لا تعرف الفارق بوضوح بين العلم والتكنولوجيا، وأن مراكز العِلم، مثل «القبة السماوية»، توضح في أذهانهم الفكرة القائلة بأن العلم يتعلّق بدراسة الظواهر الطبيعية والخروج منها بنتائج يمكن تحويلها إلى تطبيقات تكنولوجية مختلفة. وأعطت مثالاً على ذلك انشطار الذرة الذي استخدم في صنع القنابل الذرية، لكنه أيضاً استخدم طبياً في علاج السرطان وهو من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان. وأضافت الميقاتي أن التطوير الذي تشهده «القبة السماوية» يُشكّل نقلة حضارية، وأنها ساهمت في اختيار مصر لاستضافة «المؤتمر العشرين للجمعية الدولية للقباب السماوية» والذي يعقد في مكتبة الإسكندرية بين 26 و30 حزيران (يونيو) 2010، بحسب قرار اتخذته الجمعية خلال مؤتمرها ال19 الذي عقد في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل في آب (أغسطس) 2007. ونالت مصر هذه الفرصة بعد منافسة مع فرنسا والصين، كي تصبح أول دولة عربية وأفريقية تستضيف ذلك المؤتمر. وتضم «الجمعية الدولية للقباب السماوية» 700 قبة من 35 دولة منها 22 قبة في المنطقة العربية. وتحضر مؤتمر هذه الجمعية الشركات المنتجة للأفلام الخاصة ب «القباب السماوية». ويهدف المؤتمر لتعزيز التعاون بين المتاحف والمراكز العلمية والقباب السماوية وتبادل الخبرات والموارد لمجاراة التقدم العلمي السريع. ومن المتوقع أن يناقش المؤتمر المقبل سبل زيادة الوعي العام بدور القباب السماوية في التعليم غير الرسمي للعلوم، وتعزيز فكرة إنشاء قباب سماوية جديدة في الدول العربية والأفريقية. ويقام على هامش المؤتمر معرض للشركات التي تعمل في مجال تصنيع آلات العرض الخاصة بالقباب السماوية. ويعتبر المعرض فرصة لهذه الشركات للتوسع في الأسواق عربياً وأفريقياً. والمعلوم أن صناعة أفلام القباب السماوية مكلفة للغاية. ولا يتجاوز عدد الشركات المنتجة لها عالمياً عدد أصابع اليد الواحدة ويكفي أن نذكر أن إيجار أحد هذه الأفلام سنوياً، يصل إلى قرابة 30 أو40 ألف دولار، مع ملاحظة أن تكلفة إنتاجه تصل إلى ملايين الدولارات. وعن إمكان إنتاج أفلام عربية للقباب السماوية، أوضحت الميقاتي ان المساهمة العربية في مجال الفلك موضع تقدير عالمياً، إذ تعتبر مساهمة رائدة بدأت قبل قرون عدة. وقالت: «إذا أنتجنا أفلاماً تتحدث عن الحضارة العربية في الفلك، فستجد طريقها للتسويق في البلاد الغربية... يملك الغرب العناصر التكنولوجية للإنتاج، ونحن نملك المعلومة التاريخية التي يصعب عليهم الوصول إليها. وقد أنتجنا فعلياً أول فيلم ناطق باللغة العربية بعنوان «سماء الإسكندرية» للفلكي عمر فكري. وأنجز مراجعته علمياً الدكتور فاروق الباز. وأنتج بالتعاون مع «الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا». ويعرض ذلك الفيلم تاريخ مكتبة الإسكندرية ونظرة العلماء للسماء قديماً مقارنة بحالها حاضراً. ويمثّل الفيلم نقلة نوعية لأن صناعة أفلام القباب السماوية تقتصر على الدول المتقدمة». وأشارت أيضاً إلى أن المكتبة اتفقت مع إحدى أكبر الشركات الأميركية التي ستحضر المؤتمر المقبل، في شأن الحصول على بعض المعدات المستخدمة في إنتاج أفلام القباب السماوية، مع استئجار عشرة أفلام مجاناً. وأضافت الميقاتي أن نظام العرض الجديد يمكّن اختصاصيي «القبة السماوية» من إنتاج عروض حديثة متقدمة تقنياً باستخدام شاشات اللمس، إضافة إلى مشاهدة ابتكاراتهم مباشرة على «مسرح النجوم» في قاعة العرض. واختتمت الميقاتي حديثها مشيرة الى اختيار العام الحالي ليكون «العام الدولي للفلك» سعياً الى إلقاء الضوء على مجهود «الاتحاد الدولي لعلوم الفلك» و «منظمة اليونسكو» في إعادة رسم صورة الكرة الأرضية في عقول الناس.