بيت اجزا (الضفة الغربية) - ا ف ب - يخوض صبري محمد غريب منذ 25 عاما نضالا لا يلين داخل منزله الذي تحول الى جيب معزول تحيط به مستوطنة اسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة, مشبها فصول معركته بقصص "الف ليلة وليلة". ويقول غريب البالغ من العمر 73 عاما "قصتي مثل قصص الف ليلة وليلة. انها قصة لا تنتهي ولكنها اكثر مأسوية منها". ويضيف "منذ 25 عاما وانا اعاني من هذا الاحتلال, واواجهه. ولكنهم لم ينجحوا في اقتلاعي انا وعائلتي". وعلى مدى الاعوام التي ثابر فيها "ابو سمير" ورفض المغادرة تحول منزله الذي كان في السابق في موقع متطرف في قرية بيت اجزا, الى جيب صغير محاط بالاراضي المصادرة لصالح مستوطنة جيفون هحداشا. ويحيط بالمنزل جدار من الاسمنت وسياج مزود بلواقط كهربائية, ولا يتصل بقرية بيت اجزا الا من خلال ممر ضيق تراقبه الكاميرات وفي نهايته بوابة كهربائية ثقيلة يمكن للجيش الاسرائيلي التحكم بها عن بعد. وفي الناحية الاخرى, تمتد مستوطنة جيفون هحداشا التي تشكل جزءا من الضاحية اليهودية للقدس, والهدف منها كما يقول الفلسطينيون, جعل ضم الشطر الشرقي المحتل من المدينة المقدسة منذ 1967, امرا نهائيا. ولا يعترف القانون الدولي بشرعية الاستيطان اليهودي في الاراضي الفلسطينية المحتلة. انشئت مستوطنة جيفون هحداشا في 1981 وهي متصلة بالقدس من خلال طريق مختصر, كما تتدنى كلفة المعيشة فيها وتنخفض اسعار مساكنها. وتعيش في المستوطنة 300 عائلة اسرائيلية في منازل بيضاء يغطيها قرميد احمر جيدة التنظيم ويفصلها عن الاراضي التابعة للسلطة الفلسطينية جدار يصفه الاسرائيليون بانه "سياج مضاد للارهاب" في حين يؤكد الفلسطينيون انه "جدار للفصل العنصري". ويؤكد ابو سمير ان المستوطنة اقيمت على ارضه وان مزرعته التي تمتد على عشرة هكتارات كانت اجمل مزرعة في القرية تنتشر فيها دوالي العنب واشجار الزيتون وحقول مزروعة بالقمح. ويقول "كانت اراضي اليهود بعيدة, لكنهم استولوا على ارضي شيئا فشيئا". ولكن شموليك ليديرير المسؤول عن مستوطنة جيفون هحداشا يقول "نحن اصحاب حق مئة بالمئة". ويقول مجلس بنيامين الذي يدير شؤون المستوطنات في تلك المنطقة, ان جمعية يهودية اشترت اراضي في تلك النواحي منذ 1887. وتقول هاغيت عفران من جمعية "السلام الان" المناهضة للاستيطان "لقد بني العديد من المستوطنات على اراضي خاصة" وذلك غالبا بفضل قانون يعود الى العهد العثماني ويعطي للدولة الحق بمصادرة اي قطعة ارض لا يتم استغلالها. ويقول ابو سمير "لقد فعلوا كل ما يمكن لاقتلاعي من بيتي. لقد هددوني وضربوني وسجنوني وحتى عرضوا علي شراءه. لكني رفضت. وهكذا انتهى بهم الامر الى وضعي في سجن داخل منزلي في وسط مستوطنتهم الملعونة". ويضيف "لكني لا اريد المغادرة. ساموت على الفور لو رحلت, مثل سمكة خارج الماء". ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي زار صبري غريب قبل فترة قصيرة ان قصته "تختصر نضال شعبنا, في تصميمه على البقاء على ارضه والعيش بكرامة". واصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية بعد نضال طويل حكما لصالح ابي سمير, كما يقول محاميه حسن درويش, باعتبار ان منزله كان مسجلا في السجل العقاري الاسرائيلي منذ 1979. ولكن القضاء الاسرائيلي جرده في المقابل من جزء من اراضيه قبل ان يفصله عن باقي ارضه الجدار الذي بدأت اسرائيل ببنائه في 2004. ويقول ابو سمير بحسرة "عندما ادرك الاسرائيليون انني كسبت الحق في العيش في ارضي, بنوا هذا الجدار حول منزلي".