ليست الأعمال الفنية التي قدمها التشكيلي السعودي عبدالله المرزوق في معرضه «أوكبيشن سبيس» المقام حالياً بقاعة نايلا في الرياض تحولاً أو انتقالاً، وإنما هي أعمال متوافقة مع سابقيها من ناحية الإبداع والتجريب، «ومع هذا السياق يتجدد البحث فتطفو الفكرة لتأخذ مسارها كما تأخذ الخطوط العريضة خصوصيتها لاستكمال ما ينبغي أن تكون عليه الصورة العامة للموضوع في إطار جمالي». في معرضه يحاول المرزوق أن يقدم للمهتمين والمتذوقين بالفنون البصرية «تجربتي الجمالية المتواضعة التي اعتمدت على التكوين الشكلي الذي هو مكونات هذه الأعمال». في هذه التجربة الجديدة «يكون عنصر العمل الفني عبارة عن «شكل» يشبه القوس، عنصر أو عناصر عدة تمت لملمتها لتشكل مضامين هذه المجموعة الحداثية». هنا أعمال اعتمدت على هوية متجددة، «قمت باستخدام الكولاج كعنصر أساسي في تكوين الشكل الذي يتكرر في هذه الأعمال التي بدأت بها بمقاسات لا تتجاوز 80 سم2 والتي أسميتها بالأعمال الصغيرة وتكون اللوحة في غالب الأحيان على سطح الطاولة أو ما أسميه السطح المستوي خلال عملي بهذه المقاسات وهو أبسط الأوضاع التي يمكنني التعامل معها في السيطرة والتحكم في وضع الكولاج». وانسجاماً مع الرؤية المتبلورة لهذه الأعمال، قام برسم الشكل أو ما يسميه التكوين «باستخدام اللون في أعمال الكانفس الرئيسة التي تلت الأعمال الصغيرة، فالألوان تتراكم بعضها فوق بعض مع استخدام الكولاج أحياناً وذلك بحسب ما تطلب حاجة العمل. وإنني في هذا لا أتحدث عن كشف طريقة التكنيك العام لهذه الأعمال وخصوصيتها، تكوين متكرر وموحد في هذه الأعمال على أن المشاهد لها يرى أن الأشكال موحدة وهي مختلفة في طريقة التعامل مع اللون». وفي ما يخص تجسيم الخط العربي في أعماله الأخيرة، إنما هو «ناتج من البحث التقني في إسقاط الرؤية التراثية في منظوم اللوحة، واعتبرها معادلة تبحث في رصد وهوية وبنية العمل التشكيلي وخصوصيته وعدم خلط المتشابه بعناصر هذه التجربة التي لها صلة بثقافات العالم الحاضر. إن هذه العناصر جمعت لتؤلف هذه الأعمال وهي ليست بالشيء البسيط، مرحلة شاقة في جلب وتوليف هذا العنصر الذي في النهاية أكسب القدرة على إبراز قراءة اللغة المعرفية لوحدة هذه الأعمال وخلق التأثير الذي أنشده». ويقول المرزوق في كلمته التي ضمها «بروشور» المعرض، إن فهم رؤية قراءة هذه الأعمال «تتطلب دقة لا تخضع دائماً إلى إمكانات المشاهد البسيط في التحليل الرمزي للون، والفنان يدرك مدى تأثير الإيقاع اللوني في المشاهد ومدى حكمه على العمل الفني، وهذه المعايير تقاس بما مدى نجاح هذا العمل، على أن ما يهمني من الملتقي مع هذا الحدث هو الانفعال والخروج بإضافات إلى واقعه الفكري»، مشيراً إلى تجربته السابقة «قوس قزح الصحراء»، والتي يعتبرها رسالة احتجاج تمثلت في قضية الإنسان العربي ونددت بالعنف والدمار. ويوضح أن أسباب اختياره لهذه الأطروحة هو كشف مدى خصوصيتي واستقلاليتي في تعبير وتوظيف الشكل والمنظور المعرفي لتكوين «ثيمة»، أؤكد من خلالها النزعة الذاتية وعشق الفنان لفنه وفكره ولمسته الخاصة والوقوف على كيفية تطويرها وإبرازها كقيمة جمالية فاعلة تمس الحاضر والمستقبل.