نهضت «تحريك اي طالبان باكستان»، أو حركة طالبان باكستان، من كبوتها وسباتها، وهي تعلن على الملأ نهوضها هذا. والذين نعوها يعدون العدة، على قولهم، لآخر فصل من فصول الحركة الإرهابية وحروبها ومقاومتها الهجوم العسكري (الباكستاني) على معقلها في جنوب وزيرستان منذ 16 تشرين الأول (اكتوبر). ويذهب المصدر الرسمي الى ان اعمال التفجير الانتحارية الأخيرة هي محاولة يائسة تتوسل بها المنظمة الى إرهاب الأهالي وحمل الحكومة على الإقلاع عن الهجوم. ولكن الحركة تسيطر على شبكة ممتدة وواسعة تتيح لها تخطيط هجمات منسقة في سرعة واحتراف يبعثان على الدهشة والقلق. فمهاجمة مقر أركان الجيش والعمليات المتزامنة بلاهور، عاصمة البنجاب - الباكستاني، قرينة على دقة التخطيط. وتولت الهجمات هذه مجموعات قوية الجذور في المدن الكبيرة، وفي مقدورها المبادرة إنفاذاً لأمر يأتيها من المركز. وعقل الهجوم على مقر الأركان، محمد عقيل، المعروف بدكتور عثمان، استلهم أمجد فاروق، الإرهابي البنجابي الذي قتلته القوات الباكستانية في 2004. وهو اليوم على رأس طالبان البنجاب. ونفي السلطات المحلية وجود مجموعات إرهابية إثنية أو قومية في الولاية، لا يحجب لائحة طويلة من الإرهابيين المحليين مثل عمر أقدس وقاري ياسين وقاري ظفر وعصمة الله معاوية وبدر منصور، وغيرهم مثلهم أو أدنى مرتبة يبلغ عددهم نحو الأربعين، وينشطون في شمال وزيرستان وجنوبها. وبعضهم يقاتل منذ 1990. وبعض أهل البنجاب الباكستاني خيبهم سعي باكستان الى مفاوضة الهند على حل مسألة كشمير. فهم تبنوا قضية كشمير، وانخرطوا في صفوف المقاتلين دونها. ويقاتل هؤلاء اليوم في مناطق طالبان الحدودية. ويحوزون إعجاب المقاتلين القبليين. فهم معروفون بصلابتهم وإيمانهم وإقدامهم بباكستان وأفغانستان، واكتسبوا تجربة وخبرة عميقتين بأفغانستان في أثناء سنوات القتال الطويلة هناك، وقبل العودة من افغانستان الى كشمير. ويفوق اليوم عدد الهجمات في باكستان نظيره في افغانستان أو الهند، والباعث على القتال ليس إثنياً أو قومياً، بل هو إيديولوجي واعتقادي. وتمييز المقاتلين بحسب مصادرهم الإثنية، شأن تمييز اخيارهم من أشرارهم، عبث في عبث. والذين قاتلوا الهند في وقت سابق يقاتلون الدولة الباكستانية بشراسة لا تلين. وعلى خلاف مرات سابقة تعالت فيها الدعوات الى الجوار غداة الحملات العسكرية، يعلن قادة الجيش اليوم ان زمن المفاوضة ولى، وأن الجيش يتعقب الخارجين على القانون، ولن يرجع على أعقابه. * معلق، عن «دون» الباكستانية، 16/10/2009، إعداد وضاح شرارة.