قال المدير العام لجهاز الأمن السوداني الفريق محمد عطا أمس إن بلاده تواجه تهديدات عديدة أبرزها التطرف والإرهاب والعنصرية والجهوية المسلحة والجرائم العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية، ما يتطلب تقوية الأمن، مؤكداً أن كل عدد المعتقلين حالياً يبلغ نحو 100 شخص 90 منهم أجانب موقوفون في قضايا إرهاب وغسيل أموال وتزوير عملات. وقال عطا في لقاء مع رؤساء التحرير وكتّاب المقالات أمس إن التعاون بين السودان والولاياتالمتحدة في مكافحة الارهاب ساهم في قفل ملفات شخصيات سودانية كانت متهمة بالأصولية والارهاب والارتباط بتنظيم «القاعدة»، واطلاق موقوفين. ولام أميركا على ابقاء اسم السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب على رغم تعاونه، واعتبر ذلك «ازدواجية» في المعايير الأميركية، مشيراً إلى أن منطلقاتهم في هذا التعاون كانت وطنية وليس إرضاء لأميركا. ودافع عن تمسكهم بصلاحية الاعتقال والتوقيف في مشروع قانون جهاز الأمن الجديد الذي يدرسه البرلمان، وكشف أن الولاياتالمتحدة طلبت منهم عدم اطلاق متهم بالإرهاب «قدم من الصومال» لكنهم أبلغوها أن فترة توقيفه القانونية انتهت وسيطلق. وتابع أنه على رغم إدراك السلطات لنياته، إلا أنها لن تستطيع الاستمرار في اعتقاله بسبب تقييد القانون لذلك، كما أنه إذا قُدّم إلى محاكمة فلن يدان لعدم توفر أدلة كافية، مشيراً الى أنه سيطلب من البرلمان توسيع سلطتهم في الاعتقال إلى أكثر من شهر التي حددها مشروع القانون الجديد. وانتقد عطا أحزاب المعارضة التي تدعو إلى عدم منح جهاز الأمن سلطة الاعتقال لاعتقادها أن ذلك يعارض الدستور الانتقالي واتفاق السلام، موضحاً أن الاحزاب التي طالبت بحل جهاز الأمن عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس السابق جعفر نميري في 1985، وتحقق لها ذلك، اعترفت لاحقاً بارتكابها خطأ تاريخياً ولكنها هذه المرة سترتكب خطأ مماثلاً إذا سعت إلى إضعاف جهاز الأمن. وتعهد عطا حماية التحول الديموقراطي والاصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد، وضمان نشاط سياسي نظيف خلال مرحلة الانتخابات، مؤكداً أن منسوبي جهاز الأمن لا يستغلون سلطاتهم وإذا أخطأ أحدهم يُحاسب ويقدم الى محاكمة، لافتاً إلى أنه جرى اعدام عنصرين من الأمن في 1995 و2004 بعدما دانتهما محكمة بالقتل. وفي تطور آخر، نفت الخرطوم في شدة تقارير عن صفقة ابرمت بين مسؤولين أميركيين وسودانيين قريبين من الرئيس عمر البشير، بهدف تجميد ملاحقته من المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة في آذار (مارس) الماضي بتوقيفه، في مقابل منح واشنطن تسهيلات أمنية على البحر الأحمر واعطاء الشركات الأميركية عقوداً نفطية في البلاد. وقال مسؤول رئاسي في الخرطوم ل «الحياة» إن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة وهي كناية عن «تسريبات» تستهدف الاساءة الى حكومته وتصويرها بالتراجع وتقديم تنازلات الى الولاياتالمتحدة قبل يوم من اعلان الإدارة الأميركية سياسة جديدة في شأن السودان، مؤكداً أن الخرطوم لا تنفي وجود مصالح للطرفين في علاقات يستطيع كل جانب فيها تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. وينتظر أن تُعلن السياسة الأميركية الجديدة في مؤتمر صحافي مشترك يضم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والسفيرة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس والمبعوث الرئاسي سكوت غرايشن وتستند تلك السياسة على «الجزرة والعصا». إلى ذلك، أطلق مسلحون في دارفور امس الموظفتين في منظمة «غول» الإنسانية الإيرلندية وهما الإيرلندية شارون كومينس والاوغندية هيلدا كاووكي اللتان خطفتا في تموز (يوليو) الماضي. وقال وزير الدولة للشؤون الانسانية عبدالباقي الجيلاني إن الموظفتين اطلقتا من دون دفع فدية، وهما بصحة جيدة بعدما خضعتا إلى فحوص طبية في مستشفى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وقال ان إطلاق الرهينتين تم بتعاون بين الخرطوم وحكومة ولاية شمال دارفور وزعماء قبائل، موضحاً أن عملية الخطف تؤكد ضرورة وجود حماية لمقار المنظمات العاملة على رغم أن الوضع الأمني في الاقليم تحسن. وأعرب عن شكره للحكومتين الاوغندية والايرلندية وأسرة الرهينتين ومنظمة «غول» لصبرهم وتعاونهم مع حكومته طوال فترة الخطف التي استمرت اكثر من ثلاثة اشهر. واعربت شارون وهيلدا اللتان خطفتا من قبل مسلحين في منطقة كتم (115 كلم شمال غربي الفاشر) عن تقديرهما للجهود التي اثمرت إطلاقهما. وقالتا للصحافيين عقب لقاء مع حاكم ولاية شمال دارفور بالوكالة إدريس عبدالله إنهما أُطلقتا بهدوء. وطالبتا العاملين في مجال العمل الإنساني في الاقليم بالاستمرار في تقديم الخدمات الإنسانية، وأكدتا استعدادهما لمواصلة نشاطهما في الحقل الانساني. وفي شأن آخر، أصيب ثلاثة من عناصر القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور «يوناميد»، وتعرضت الآلية التي كانوا يستقلونها لإطلاق نار من مسلحين مجهولين في غرب دارفور. وقال مسؤول في القوة إن آلية تقل خمسة شرطيين نيجيريين، تعرضت لإطلاق نار على بعد نحو ثلاثة كلم من مدينة زالنجي في ولاية غرب دارفور، ما ادى الى اصابة ثلاثة شرطيين، إصابة اثنين منهم بالغة وتم نقلهم بواسطة مروحيات إلى مستشفى نيالا وهم في وضع مستقر. وفي جوبا (رويترز)، قال مسؤول حكومي سوداني أمس إن مسلحين هاجموا قرية في جنوب السودان وقتلوا سبعة أشخاص وأشعلوا النيران في 120 منزلاً في هجوم أثار مخاوف من تصاعد أعمال العنف بين القبائل. وتقول الأممالمتحدة ان العنف الذي تؤججه في شكل كبير الغارات على الماشية والهجمات الانتقامية أسفر عن سقوط أكثر من 1200 قتيل العام الحالي. ويعتقد محللون ان زعزعة الاستقرار قد تؤثر على الانتخابات المقررة العام المقبل واستفتاء يجريه جنوب السودان عام 2011 على الانفصال عن الشمال. وقال توت نيانج المسؤول المحلي في ولاية جونقلي إن أحدث هجوم وقع مساء يوم الجمعة مضيفا ل «رويترز»: «قتل المهاجمون... سبعة وأصابوا تسعة». واستطرد «هذا هجوم ثأري... قالوا انهم سيواصلون الهجمات ولكننا لا نعلم ما اذا كانوا سيستمرون في شن هجمات في هذا المكان أو في مكان آخر». وألقى سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان باللوم على خصومه الشماليين السابقين في تسليح ميليشيات متناحرة في محاولة لزعزعة استقرار الجنوب قبل الانتخابات المقررة في نيسان (ابريل) عام 2010. وتنفي الخرطوم ذلك.