ماذا جرى لي؟ ما عدت اليوم أبالي. لم أكن كذلك، ولنفترض أنني كنت، لا يهم الماضي ما دمت لصيقة الحاضر، وفي حاضري هذا وجدت نفسي أُطلِق لا مبالاتي يمنة ويسرة. أتجاهل الشؤون العامة كافة. يكفيني ما عندي من شؤون خاصة ترهقني، لكن خوفي من أن أتجاهل شؤوني الخاصة أيضاً. أُبدي برودة مشاعر وبرودة أعصاب حيال ما يجري وما لا يجري على كل الساحات المكشوفة والمحجوبة. يا جماعة ساعدوني باتت نفسي تُقلقني، ليس من أجل نفسي فحسب بل من أجل الآخرين أنتم ومن حولي حاضرين وسيحضرون إلى هذا الكوكب الأليف العنيف. وحتى تُساعدوني سأشرح لكم المزيد عن حالتي! الطريف في الأمر أو المحزن، أنني لا أُشارك في أي شأن من انتخابات فرعية وانتخابات رئيسية لجمعية سكنية أو جمعية خيرية لمساعدة المسنين أو صغار السن أو صغار الناس أو كبارهم. لا أُشارك في أي انتخابات بلدية أو لغرفة تجارية مفروشة أو غير مفروشة، مربحة كانت أو مفلسة! لا أُشارك في أي دعوة إلى استثمار الوقت أو تضييعه أو إتلافه! الجميع باتوا يلاحظون اعتكافي وانزوائي وابتعادي عن جميع أشكال الضجيج، وحتى أشكال الصمت والسكينة، وغدوت محط عتاب ولوم من الجميع الذين ارتأوا أنني أساهم هكذا في غريب أجوائهم المشحونة أصلاً. البعض بالغ: لو أنّ الجميع كان مثلي في هذه السلبية فإننا سنساهم في تخريب الأجيال الجديدة والقديمة حين نتفاعل مع هذه الأحداث بهذه الروحية وبهذه العقلية، وماذا لو أنّ الآخرين وأنتم معنا، ماذا لو سرنا كلنا على خطاي؟ ماذا سيحصل للعالم آنذاك؟ وهل يبقى عالم أساساً أو قُل معالم؟ على الجميع أن يشارك. وبما أنني لست بمشاركة فإنني مخطئة أو أتسبب في خطأ ما! لكن لا لا لا. لم ينتبه أحدٌ إلى أنّ صمتي وإحجامي إنما هما تعبيران صارخان عن رفضي القاطع لكل الآليات البشرية التي تُدار بها الكرة الأرضية بدءاً من كونها كوكباً في المجموعة الشمسية وانتهاءً بأصغر تفاصيلها كأن تقطع شجرة ما أو تذبح حمامة! لا أُحب هؤلاء البشر الذين يديرون البشر وكأنّ كلّ البشرية أغنام جاهزة للذبح في لحظة، يجرحونك بكلمة بتصرف بفكرة بمناسبة ومن دون مناسبة ولحاجة ما أو دون حاجة، ناهيك يا عزيزي عن أنني فقدت الثقة بالناس وهذا أخطر ما في الأمر! من يثق بمن؟ ومن يحيك الدسائس لمن؟ وأين المؤامرات في كل قضية؟ وأين الصدق؟ وأين الحق؟ ما عادت فراشة تثق بزهرة أو عصفور بغصن، فكيف أثق أنا وفيمن أثق؟ وكأنّ ثمّة كمائن تُدبّر لإضاعة الإنسان وإفقاده آخر مقومات وجوده وآخر مسوّغات حضوره. لا ليس صمتي لا مبالاة أو استهتاراً بالحياة وجمال الحياة، بل هو دعوة من نوع آخر إلى المواجهة مع الذات لمحاورتها بكل عمق الصدق والحق والعدل. وقفة مكاشفة، وقفة اختيار، وقفة لتبديل الأولويات أو حتى الأدوار، وليس ذلك إلا لأصلح ما أفسده هذا الدهر، فإن وافقتني أكون قد وُفّقت بتحليلي للامبالتي، وإن لم توافقني فساعدني أرجوك حتى نتمكن من العودة إلى المشاركة والمساهمة في اعمار هذه الكرة العنيفة المتطرفة بعقل ومحبة وثقة ببعضنا، لتصبح بتآلفنا وألفتنا أليفة لأني أبالي لأني أحب. خلف الزاوية لماذا الخوف يمطرنا اكتئاباً... ويُغلق دون السحر بابا أعِد لي ما أضعت فإنّ قلبي... يعاني حينما تأتي اضطرابا تغيّر في رحاب الحب شيء... كأنّ بريقه الأخاذ غابا فوجهك صرت أحسبه قناعاً... وبُعدُك صِرت أحسبه اقترابا [email protected]