كل فرد منا يطمح إلى أن يكون مجتمعه الذي يمثل شيئاً من تكوينه وهويته في أفضل الحالات وأكثرها تصالحاً بكل ألوانه، إلا أن المعطيات والمفاتيح لذلك غالباً كثيرة وإن شئنا أن نتعامل معها جميعاً بتوافق سنصل حتماً إلى الهدف المراد الوصول إليه، لا يستطيع اثنان أن يختلفا على الغزارة الروحية التي يشكلها الفن في التعبير عن الذات الإنسانية؛ لأن الفن هو تلك المساحة التي قد تعجز عن خلقها المدن. ولأن الفن كما يقول كلود مونيه هو ما يُبقي القلب يقظاً لذلك الصمت الملون. وبشيء من هذا الشغف من ال«لأن الفن» قامت فتاتان سعوديتان «رنيم وآية» برعاية تجارب تشكيلية تتقاطع في نقطة اتفقتا على أنها تمثل رؤية معينة شاءتا أن تتبنياها و تحتضناها بإيمان خالص، على أنها ستكون في يومٍ قادم شيئاً محورياً بمعية انطلاقة التشكيلي بصورته التصاعدية في هذه الفترة «العامرة تشكيلياً». والإيمان بالتشكيلي السعودي المعاصر على وجه التحديد هو ما يشجع الرفيقتين على التعاون والمساهمة في بنائه، وربما كان من مجرد الإيمان بالجمال بشكل مطلق هو دافعهما إلى العمل معاً في جمع التجارب وخلق الفرص لها لمعارض تشكيلية متفرقة في شتى مدن العالم. رنيم زكي فارسي بصفتها مستشارة فنية وآية علي رضا مُنظمة فنية. تواطآ على الترحال برسالة التشكيل السعودي إلى كل مكان؛ للتواصل مع العالم بهذه اللغة الجمالية والفكرية؛ وللفت الأنظار بأننا نملك ما هو حقيقي وأننا لسنا كما تعتقد الغالبية بالشكل التعليبي الظلامي السائد، بل نملك الأفكار والألوان ونجيد خلق نقاط؛ لانطلاق حوارات جمالية حقيقية حول ما يستحق أن يوثق من مساحة التفاؤل، التي لو أننا نتعاطى من خلالها حتى لا ننهزم ككل مرة في طرق التعبير المتعددة، نحتاج هذا الإيمان الخالص بأن الإيمان بالفن هو ما قد يخلصنا بطريقةٍ ما من تراكمية أشكال الدمار في هذا العالم. كم حياةٍ سنعيشها إن لم نخلق لذواتنا مساحة لذلك الحلم، وأن نؤمن بما يوجد بين يدينا مثل ما فعلت آية ورنيم، ونصنع منه مركباً يحلِّق بنا ونكبر به ومعه؛ لنكوِّن يوماً ما نريد، ونصل إلى هدفنا الكبير في منصة التشكيلي الأخير. لأنه الفن. رنيم وآية هما شابتان منجزتان بشكل حقيقي في حق التشكيلي السعودي المعاصر، إذ كانوا من القائمين وذوي المساحات المهمة والملهمة للقيام بأسبوع جدة الفني «21,39».. وها هما الآن تُعيدان الكرَّة وتستعدان للافتتاح الجديد في كانون الثاني (يناير) 2015. شاركت رنيم في مناسبات محلية ودولية تتعلق بالتشكيلي، واشتغلت على خدماتها الاستشارية في أعوام عملها الماضية في السعودية لتشمل: تنمية وتطوير الفنان، إدارة المقتنيات وتنظيم المعارض الفنية، بالاشتراك مع رفيقتها الحالية آية علي رضا. * كاتبة وتشكيلية سعودية.