أظهرت إحصاءات وزعتها أمس وزارة الزراعة والموارد المائية التونسية، أن محاصيل القمح ارتفعت هذه السنة إلى 25.4 مليون قنطار في مقابل 11.8 مليون في السنة الماضية. وتُعتبر محاصيل هذه السنة الأفضل منذ العام 2003. وبحسب الإحصاءات، أمنت المساحات الزراعية المروية وحدها 3.8 مليون قنطار، أي 15 في المئة من المحاصيل، حتى أواخر الشهر الماضي. وستساعد المحاصيل القياسية في الاستغناء عن استيراد القمح بالعملة الصعبة والتي تثقل كاهل الموازنة. في المقابل، جابه تسويق زيت الزيتون التونسي، الذي يأتي في مقدم الصادرات الزراعية، أزمة حادة في الموسم الحالي قادت إلى انهيار الأسعار مُسببة خسائر فادحة للمصدرين. كذلك انهار سعر الزيتون الذي يُباع بالمفرق في المدن التونسية، إلى 600 مليم للكيلوغرام (0.5 دولار) هذه الأيام، وهو أدنى سعر وصل إليه منذ سنوات. وكان زيت الزيتون التونسي يُصدر في العام الماضي بأسعار تجاوزت 5700 مليم (4.8 دولار)، وتراجعت اسعاره بشدة هذه السنة. وصرح صاحب معصرة زيتون في ضاحية طبربة شمال العاصمة تونس في حديث الى «الحياة» بأن الأسعار الحالية عادت بالبلد إلى شهر أيلول (سبتمبر) من السنة الماضية عندما بقيت كميات قُدرت ب 70 ألف طن مُخزنة قبل شهر واحد من جمع المحاصيل الجديدة، ما حمل المنتجين على بيعها بأسعار بخسة. وأضاف أن بعض المصدرين يبيعون بضاعتهم بأسعار أقل بنسبة 20 في المئة من الأسعار في السوق الدولية للتخلص من الكميات المخزنة لديهم. وأوضح عضو في نقابة مالكي المعاصر أن الوضع مختلف هذه السنة، مؤكداً أن متوسط الأسعار في الأسواق الدولية هو 4250 مليماً (نحو 3.5 دولار) متسائلاً: «ما الذي يُبرر التضحية بمحاصيل هذا الموسم أيضا؟». وحض على اتخاذ إجراءات عاجلة للحؤول دون انهيار القطاع الذي قال إنه أمن إيرادات من العملة الصعبة تجاوزت 600 مليون دولار في المتوسط خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأوضح الخبير الزراعي ماهر البرهومي في حديث الى «الحياة»، أن موسم جني الزيتون انطلق منذ شهرين لكنه لا يسير بالوتيرة المألوفة بسبب قلة السيولة لدى المزارعين الذين لم يُشغلوا سوى أعداد قليلة من العمال الزراعيين. وأشار إلى أن «سوق الزيتون» في مدينة صفاقس التي تُعتبر في مثابة بورصة زيت الزيتون في البلد، تتسم بركود لم تشهده منذ سنوات. وتُعتبر صفاقس (جنوب) أهم محافظة تُنتج زيت الزيتون في تونس. وقدر البرهومي المحاصيل المتوقعة في الموسم الحالي ب170 ألف طن، غير أن أسعار الزيتون الخام راوحت بين 300 و600 مليم للكيلو الواحد بسبب تأخير «الديوان الوطني للزيت» (قطاع عام) الذي يسيطر على قسم مهم من السوق، في الإعلان عن الأسعار المرجعية التي سيشتري بها أصناف زيت الزيتون من المنتجين على ما قال. وتردد أن 40 في المئة من معاصر الزيتون لم تفتح أبوابها بعدُ لاستقبال المحاصيل الجديدة. وأن شركات إيطالية اشترت كميات كبيرة من زيت الزيتون التونسي بأسعار بخسة وصدرتها إلى إيطاليا حيث تُعلب وتُصدر إلى أسواق ثالثة باعتبارها زيوتاً إيطالية تُباع بأسعار باهظة.