أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن النتائج النهائية لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأسبوع الماضي، فيما تجري الأحزاب الممثلة في البرلمان مشاورات غير رسمية من أجل اختيار رئيس جديد للحكومة بعد تسليم السلطة بين الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي. وأكدت هيئة الانتخابات في مؤتمر صحافي أمس، النتائج الأولية التي أعلنتها منذ أسبوع والتي أشارت إلى فوز السبسي بنسبة 55.6 في المئة من أصوات الناخبين، مقابل 44.4 في المئة صوّتوا لمصلحة المرزوقي. وأتى الإعلان النهائي بعد عدم تقديم حملتي السبسي والمرزوقي أي طعون أمام المحكمة الإدارية (محكمة فض النزاعات الإدارية والانتخابية)، التي رفضت طعوناً تقدم بها مواطنان تونسيان باعتبار «أنهما لا يتمتعان بالصفة القانونية التي تخولهما الطعن بنتائج الانتخابات لأنهما لا يمثلان أياً من المرشحَين» وفق الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية. ويُفترض أن يفسح هذا الإعلان النهائي المجال لانتقال السلطة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس الجديد غداً، بعد أدائه الأخير اليمين الدستورية أمام مجلس النواب في جلسة عامة استثنائية. في غضون ذلك، تواصلت المشاورات غير الرسمية بين الأحزاب الفاعلة بخاصة داخل حزب «نداء تونس» العلماني الذي يملك أكبر كتلة نيابية في البرلمان الجديد. وأشارت قيادات في «نداء تونس» من بينها رئيسه الباجي قائد السبسي الى أن رئيس الوزراء المقبل لن يكون من الحزب الأول في البرلمان «حتى لا يهيمن الحزب على الرئاسات الثلاث». وأثارت هذه القضية خلافات كبيرة بين مسؤولي «نداء تونس»، حيث تدفع بعض القيادات إلى أن يتولى الأمين العام للحزب الطيب البكوش (يساري ونقابي بارز) رئاسة الوزراء، مقابل دعم القيادات المقربة من السبسي مبدأ تولي شخصية من خارج حزب الغالبية هذا المنصب، وأطلقت سلسلة مشاورات مع شخصيات وطنية تونسية مؤهلة لهذه المهمة. وفي سياق متصل، أكد رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أمس، بعد لقائه رئيس البرلمان محمد الناصر، أنه ليس معنياً بالمشاورات الجارية بخصوص رئيس الوزراء الجديد وأنه «أتم العهد الذي التزم به سياسياً وأخلاقياً وأنهى المهمات التي كُلف بها منذ سنة من الآن». وجدّد جمعة حرصه على توفير أفضل الظروف لتسليم السلطة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب وبين حكومته والحكومة المقبلة. ورغم أن الرئيس المنتخب حسم أمره في أن يكون رئيس حكومته من خارج حزبه، إلا أن ذلك لم يمنع غضب عدد من قيادات «نداء تونس» وعلى رأسهم الأمين العام للحزب الطيب البكوش. كما يواجه الحزب إشكالاً آخر يتعلق بخلافة السبسي على زعامته. ورغم إعلان الرئيس المنتخب نيته التخلي عن رئاسة «نداء تونس» أخيراً، إلا أن ذلك لم يتم بعد نظراً للخلافات القائمة حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الحزب. كما عبّر عدد من أعضاء البرلمان عن «نداء تونس» عن رفضهم قرار السبسي بعدم تولي النواب مناصب وزارية. ويُنتظر أن تفضي الأيام القليلة المقبلة إلى اتفاقات في شأن منصب رئيس الوزراء والوزارات السيادية، إضافة إلى خلافة السبسي على رأس الحزب الأول في البلاد.