بغداد - أ ف ب - دفعت أعمال النهب والسرقة وحرق المئات من مقتنيات المتحف العراقي للفن الحديث في بغداد عام 2003 بالفنان التشكيلي نوري الراوي احد رواد الحركة التشكيلية في العراق الى الطلب من «يونيسكو» حفظ لوحاته ووثائق أخرى. ويخشى الراوي (84 سنة) ضياع المئات من أعماله المنجزة منذ اكثر من نصف قرن فضلاً عن عشرات الوثائق والمراسلات مع فنانين عالميين وشخصيات سياسية خلال عهود عدة. ويقول الفنان العراقي: «طلبت من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) ان تحتفظ بأعمالي كإرث فني أخشى عليه من الضياع مثلما حدث للآخرين عندما حرقت أعمالهم ونهبت». ويضيف أن «ما حدث للفن في نيسان (أبريل) 2003 يفوق التصور ولا أعتقد أن نسيانه سهل، كما أتوقع تكراره، وقد تواجه أعمالي التي لا أزال احتفظ بها المصير ذاته». وكانت 15 لوحة كبيرة للفنان فقدت من المتحف الوطني للفن، «مركز صدام للفنون» سابقاً، عندما تعرض للتخريب والسرقة إبان الاجتياح الاميركي عام 2003. وتمكن الراوي من استعادة لوحة واحدة بعد ان دفع ألفي دولار مقابل ذلك. ويبدي الراوي أسفه حيال ما آلت إليه الأمور قائلاً: « كنت أتمنى من الجهات الحكومية أن تتبنى إقامة متحف مصغر يضم أعمالي مثلما هو سائد في بلدان تهتم بالحركة التشكيلية ليكون مرجعاً للفنانين الشبان وإرثاً للمهتمين بهذا الفن لكنني لم ألمس موقفاً يتماشى مع تطلعاتي فبدأت أخشى مصير ما قدمته». والراوي شغوف بإقامة متحف يحمل اسمه على غرار ما فعله الراحل فائق حسن وكان افتتح عام 1992 متحفاً في أحد المنازل، لكنه لم يستمر طويلاً بسبب الأوضاع والظروف الاقتصادية السائدة في البلاد آنذاك. ويغص منزل الراوي البسيط بأعمال فنية وقطع نحتية وصور للذكرى، ويخال الإنسان نفسه داخلاً أحد المتاحف فور وصوله الى منزل الفنان حيث تتوزع عشرات اللوحات على الجدران الى جانب أعمال نحتية يعتز بها الراوي كثيراً فوضعها في معرض زجاجي. وبين المعروضات، تبرز «موناليزا العراق» وهي اللوحة التي أعاد رسمها بعد سرقة الأولى عام 2003. ويمضي الراوي يومه في غرفة صغيرة حرص ان يكون شكلها وأثاثها مستمداً من الموروث الشعبي وتوزعت في داخلها أعمال ولوحات وصور علقت على جدرانها، جمعه بعضها مع الشاعر الراحل نزار قباني والرئيس السوري بشار الأسد. ونظم عشرات المعارض الشخصية داخل العراق منذ سبعينات القرن العشرين، كما طافت معارضه في هنغاريا والولايات المتحدة والبحرين والأردن وسلطنة عمان وإيطاليا وغيرها. ولد الراوي عام 1925 في مدينة راوة الواقعة على نهر الفرات في محافظة الأنبار، وأكمل دراسته الأولية في دار المعلمين في بغداد قبل ان يدرس الرسم في معهد الفنون الجميلة عام 1959. والراوي من مؤسسي المتحف الوطني للفن الحديث عام 1962 عندما نجح في إقناع الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم (1958-1963) بذلك بعد تمكنه من استمالة الملك الراحل فيصل الثاني (1954-1958) لتخصيص ارض لتشييد جمعية التشكيليين العراقيين. وتولى الراوي رئاسة «رابطة نقاد الفن التشكيلي» كما شغل منصب مدير دائرة الفنون ومدير قصر الثقافة والفنون في ثمانينات القرن الماضي، كما كان أول مقدم برنامج تلفزيوني يعنى بالفن التشكيلي بين العامين 1957 و1987. ويمثل الراوي انعطافة كبيرة في مسيرة الحركة التشكيلية في العراق ولعب دوراً مهماً في رسم ملامح مرحلة حديثة الى جانب نخبة ضمت جواد سليم وفائق حسن ومحمد غني حكمت وآخرين.