ماذا تفعل حين تفاجأ بأن أحدهم أغلق النافذة التي تطل منها على العالم الخارجي لتملأ من خلالها رئتيك بالأوكسجين وتمتع عينيك بشمس الصباح؟! حتماً ستلجأ إما إلى إعادة فتح النافذة، فإن تعذر ذلك، ستسارع إلى نافذة أخرى، حتى وإن كانت تطل على منظر أقل جاذبية، أو تأتيك بهواء ذي نوعية مختلفة، أو تأتيك الشمس عبره بأشعة غير تلك التي اعتدتها. المهم هو أن تجد نافذة بديلة. وفي حال كانت النوافذ كثيرة، ستجد نفسك حتماً قادراً على الاختيار والانتقاء. ليس هذا فقط، بل ستعتبر النافذة التي أغلقها أصحابها أمامك وسلبوك حق الانتفاع منها بمثابة بطاقة المرور التي أتاحت لك رفاهية الاختيار. من الطبيعي أن تضع كل قناة تلفزيونية لنفسها قائمة من الممنوعات أو المحظورات. قد تحوي القائمة قضايا أو أفلاماً أو حتى شخصيات بعينها، لكن أن يتم التعامل مع كيان بأكمله وكأنه غير موجود، فهو العجيب والغريب. فمثلاً جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر لها كيان لا ينكره أحد، فهم قوة معترف بها في العديد من النقابات، والمؤسسات، بالإضافة إلى قوتهم الاقتصادية، والمؤسسات الإعلامية المرتبطة بهم، ومواقعهم الإلكترونية، هذا غير تمثيلهم القوي – وإن كان غير مباشر – في مجلس الشعب (البرلمان) المصري. ولأن جماعة الإخوان من وجهة النظر الرسمية المصرية ما هي إلا جماعة «محظورة» لا يعتد بها، ولأن العلاقة بين النظام والجماعة أشبه بعلاقة القط والفأر، ولأن أحداً لا يخفى عليه الخوف من شعبية الجماعة وقدرتها على التغلغل والوصول إلى قاع المجتمع، تم إغلاق نافذة التلفزيون الرسمي أمام كل ما ومن يتعلق بالجماعة، وتم قطع المياه والكهرباء عن كل ما من شأنه أن يعلي شأنهم، وإن كان ذلك من خلال حوار طبي مع طبيب يشتبه في كونه إخوانياً، أو خبير اقتصاد ذي توجهات تحمل أوجه شبه مع توجهاتهم، أو اختصاصية علاقات زوجية ورد اسمها في موقع إلكتروني وثيق الصلة بهم. وبالطبع، فإن استقدام ضيف ينتمي الى جماعة الإخوان ليتحدث عن «المحظور» هو ضرب من الخيال. وإذا تصادف وتمت استضافة شخص في برنامج تلفزيوني رسمي واتضح في ما بعد أن له صلة من قريب أو بعيد بالجماعة، تقوم الدنيا ولا تقعد، لكنْ قيام وقعود سريان، لا يسمح لأحد بنقل تفاصيلهما خارج أبواب القناة. الطريف أن «الضيوف المحظورين» يعرفون ذلك معرفة اليقين، حتى أن بعضهم إذا تلقى مكالمة هاتفية من معد هذا البرنامج أو ذاك يدعوه فيها لأن يدلو بدلوه، يبادر بتحذير المعد «ولكني ممنوع» أو «وهل تم رفع الحظر عنا؟» أو غيرها من العبارات التي تعكس دراية بقواعد لعبة الحظر والمنع. إلا أن الحظر والمنع صارا من الأمور المضحكة. ففي الوقت الذي يتم فيه منع «المحظورين» من تنفس عبير نافذة الإعلام الرسمي، تفتح الأبواب والنوافذ على مصاريعها أمامهم، وتفرد البرامج للمتحدثين باسم الجماعة، ومسؤوليها، وكوادرها.