استعاد مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية خلال الأيام الأخيرة، أجزاء واسعة من مدينة عين العرب السورية الحدودية مع تركيا من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مدعومين بغارات الائتلاف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وبدأ التنظيم الجهادي المتطرف في 16 أيلول (سبتمبر) هجوماً واسعاً على عين العرب (كوباني)، وتمكن خلال أسابيع من الاستيلاء على أكثر من نصف المدينة. إلّا أن تقدّمه توقف في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) تقريباً، ثمّ استعاد المقاتلون الأكراد زمام المبادرة، مدعومين من مقاتلين أكراد عراقيين وآخرين سوريين من فصائل الجيش الحر دخلوا المدينة عبر الحدود التركية ومن طائرات الائتلاف الدولي التي لم توقف غاراتها منذ ذلك الحين على مواقع "الدولة الإسلامية" في عين العرب ومحيطها وغيرها من مناطق سيطرة التنظيم في سورية والعراق. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة "فرانس برس" السبت، إن "أكثر من ستين في المئة من المدينة بات الآن تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، علماً أن تنظيم "الدولة الإسلامية" انسحب من مناطق إضافية لم يدخلها الأكراد بعد خوفاً من المفخخات". وأوضح الصحافي الكردي مصطفى عبدي الذي يتابع الوضع في المدينة عن قرب لوكالة "فرانس برس" أن "تقدم الوحدات حصل على كامل خط الاشتباك في اتجاه الشرق"، مشيراً إلى أن ذلك تمّ تدريجياً خلال الأسبوع الماضي. وانسحب تنظيم "الدولة الإسلامية" ممّا كان يعرف سابقاً ب"المربع الأمني" لوحدات حماية الشعب والحكومة الكردية المحلية والواقع شمال شرق المدينة، بينما بات الحي الجنوبي بكامله والمركز الثقافي وتجمع المدارس في المنطقة الشرقية تحت سيطرة الأكراد. وقبل يومين، تمكّن مقاتلو الوحدات من الوصول إلى مبنى البلدية في وسط المدينة الذي دمر في شكل شبه كامل بسبب المعارك، وفق ما ذكر عبدي. وأكّد مدير إذاعة "آرتا أف أم" الكردية الموجود في منطقة تركية حدودية مع كوباني، أنّ تقدم مقاتلي الوحدات "تمّ في جزء كبير منه بفضل الغارات الجوية التي يشنها التحالف"، مشيراً إلى أن "17 غارة من غارات التحالف ال31 المعلن عنها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، استهدفت مدينة كوباني" ومواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" فيها. وذكر عبدي أن التنظيم "بات يعتمد في تحركاته على الأنفاق المحفورة تحت الأرض لتجنب الغارات وهو السلاح الذي لجأ إليه بعد أن فشل أسلوب السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة". وفجر عشرات الإنتحاريين من تنظيم "الدولة الإسلامية" أنفسهم في مدينة عين العرب، في محاولة للسيطرة على ما تبقى منها، لكنّهم فشلوا في احتلالها بكاملها. وسقط في معارك كوباني مئات القتلى من الطرفين. وأشار عبدي إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" بات يتحصن حالياً خصوصاً في حيي كاني (شرق) قرب الحدود التركية، ومقتلة (جنوب شرقي المدينة). وقال عبد الرحمن إن التنظيم "يلجأ بانتظام إلى تبديل مقاتليه في عين العرب حرصاً على رفع معنوياتهم في ظل التراجع الحاصل على الأرض". وأعلن التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة اليوم عن ارتفاع عدد غاراته الجوية ضدّ مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" الخميس الجمعة إلى 39، من بينها أكثر من عشر غارات على مدينة عين العرب (كوباني) السورية الكردية. وقال التحالف في بيان أنه شنّ 13 ضربة على كوباني الخميس ودمّر 17 موقعاً قتالياً ومباني ل"الدولة الإسلامية" بالإضافة إلى آلية. وأضاف أن أربع غارات جوية أخرى الجمعة، أدّت إلى تدمير ثلاثة مبان لتنظيم "الدولة الإسلامية" وآليتين في المنطقة.