تتركز نقطة الخلاف الدائر ما بين أعضاء مجلس الشورى السعودي، والذي يمتد إلى المجتمع، حول أمر خفض «الخصوبة» للسعوديين بين الخوف من كثرة أعداء الأمة الإسلامية والخشية من تفاقم الوضع الاقتصادي للأسرة السعودية، وعدم تناغمه مع الناتج المحلي. وفي الوقت الذي تباينت فيه أرقام مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، إذ ذكر في مؤشرات التنمية الألفية في موقع المصلحة أن وسائل منع الحمل وولادة المراهقات صفر بين السعوديات منذ عام 1990 إلى عام 2012، في حين أن آخر تعداد سكاني لعام 1428ه، يشير إلى أن السعوديات المعرضات للحمل والإنجاب اللاتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة بلغن 26.4 في المئة. وإلى ذلك عزت أرقام المسوحات الديموغرافية انخفاض معدل النمو السكاني إلى انخفاض مستوى الخصوبة إلى زيادة تعليم المرأة وارتفاع استخدام وسائل تنظيم الأسرة. وبحسب المؤشرات، فإن متوسط عدد الولادات للمرأة السعودية انخفض 2.90 مولود، بعد أن كان يصل إلى 5.5 في العقود الماضية. ويحسم أعضاء مجلس الشورى أمر «الخصوبة» في جلسة اليوم (الإثنين)، إثر جدل استمر 40 عاماً بين فريق المطالبين بتنظيم النسل وبين الداعين لزيادته. وعلى رغم أن المطالبين ب«التنظيم» في مجلس الشورى على وجه الخصوص، قالوا أثناء أول مناقشة للوثيقة السياسية السكانية في كانون الأول (ديسمبر) لعام 2013، «إن التباعد بين الولادات مذكور في القرآن سن الفطام، وأن الرأي الذي يشير إلى ذلك في الوثيقة لا يقصد منه تحديد النسل كما قد يفهمه البعض». إلا أن المتخوفين من هذه المادة التي اعتمدتها الحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد والتخطيط، استشهدوا بالمفردات ذاتها التي استخدمها كبار العلماء عام 1396 في تحريم «تحديد النسل». بحسب إحصاءات المصلحة العامة (اطّلعت عليها «الحياة») أن نسبة السكان الذين يعانون من الجوع انخفض إلى النصف بين عامي 1410 و1436، متزامنة مع انخفاض معدل النمو. كما يتضح من خلال مؤشرات التنموية أن نقص وزن الأطفال دون الخامسة انخفض من 6.4 في المئة عام 2006 نزولاً إلى 4.3 في 2012، فيما تراجع معدل وفيات الأطفال دون الخامسة لكل ألف مولود من 33 طفلاً عام 1990 إلى 18.7 طفل عام 2012، كما انخفض معدل وفيات الأمهات أثناء الولادة (لكل 100 ألف ولادة حية)، من 48 عام 1990 إلى 14 قبل عامين. كما كشف تقرير نشر في موقع المصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات عن انخفاض ملحوظ في نسبة من الأسر تقبع في خانة «الفقر المدقع»، إذ كانت الأسر القابعة في حانة الفقر المدقع حتى عام 2010 بنسبة 0.05 في المئة، فيما ترتفع النسبة إلى 0.08 في المئة للأسر التي لا يتجاوز دخلها دولارين في اليوم الواحد، إلا أن نسبة الفقر اختفت تماماً منذ ثلاثة أعوام – بحسب تقرير مصلحة الإحصاءات العامة. «كبار العلماء»: منع الحمل ضرب من أعمال الجاهلية مضت 40 عاماً على فتوى هيئة كبار العلماء الرافضة لمبدأ تحديد النسل، إلا أن المفردات ذاتها ما زالت تستخدم في مهاجمته على رغم ما تفرضه الأرقام الرسمية من تحذيرات نتيجة زيادة النمو السكاني ونقص الناتج المحلي. واعتبر كبار العلماء أن تحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها، وقالوا إن الدعوة إليه يهدف إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد وأهلها، وزادوا «إن الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، إضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها». وقررت هيئة كبار العلماء قبل أربعة عقود، وبالتحديد في تاريخ 13- 4- 1396ه، عدم جواز تحديد النسل مطلقاً، مؤكدة أنه لا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق (الفقر) لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.