«أنا أم مستجدة»، تقول هدى محاولة تبرير جهلها بنظام الرضاعة الطبيعية كوسيلة لتنظيم الاسرة، وتشكك منى في صحة الشعار القائل ان تنظيم النسل من شأنه خفض معدلات الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشة السكان. ويساهم انتشار «الغيبيات» في إخفاق برامج تنظيم النسل؛ وتطاول ثقافة المباهاة بعدد الأبناء كبار المسؤولين في الدولة والحكومة بمن فيهم عاملون في مجال الصحة. ويعد الزواج المبكر والزواج بأكثر من إمرأة، كما السعي لإنجاب مواليد ذكور، من العوامل المؤدية الى استمرار مشكلة ارتفاع معدل الانجاب عند اليمنيات. ولم تكن مصادفة أن ترفع طفلة ولدت في صنعاء نهاية الشهر الماضي، عدد سكان العالم إلى 7 بلايين نسمة. ويحتل اليمن، البالغ عدد سكانه نحو 22 مليون نسمة، المرتبة الاولى عالمياً في معدل الخصوبة بين النساء. ويصل معدل المواليد في اليمن إلى 80 مولوداً في الساعة. وتتشابك عوامل ثقافية واقتصادية وسياسية في استمرار مشكلة ارتفاع نسبة المواليد في اليمن، ما يؤثر سلباً في النمو الاقتصادي، ويوسع رقعة الفقر. وينخفض في اليمن استخدام الوسائل الحديثة لتنظيم النسل، وتجهل الأمهات الجديدات الطرق التقليدية لتجنّب الانجاب المتكرر، ووفقاً لنتائج المسح الوطني لصحة الأسرة 2003، فإن أقل من ربع المتزوجات في سنّ الإنجاب، 23 في المئة، يستخدمن وسيلة متاحة من وسائل تنظيم الأسرة، بما في ذلك الوسائل التقليدية، مقابل 13 في المئة فقط يستخدمن وسائل حديثة لتنظيم الأسرة. ويُرجع مختصون انخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية منها رغبة الأسرة اليمنية، وبخاصة في الريف، في إنجاب عدد كبير من الأطفال واستمرار الموروثات الاجتماعية التي «تُحرم» التحكم في الإنجاب. وفي حين تشكو كثيرات من الامهات من شحة توافر خدمات تنظيم الأسرة أو ضعف جودتها، تعاني المرافق الصحية من ضعف في مستوى خدمات تنظيم الأسرة ونقص في الأطباء والكوادر المدربة خصوصاً الإناث. وتلفت أم يوسف إلى محدودية المواد الإعلامية، التي تساعد السيدات على معرفة مزايا وعيوب وسائل تنظيم الأسرة المختلفة وطريقة استخدام كل منها. وما زال مفهوم تنظيم الأسرة يعتبر «ترفاً» عند البعض، ودخيلاً على البعض الآخر خصوصاً مع انتشار اشاعات تروجها مجموعات دينية تعتبر تنظيم الأسرة «مؤامرة غربية تستهدف المسلمين». وطبقاً لنتائج مسح الأسرة، فإن حوالى 50 في المئة من النساء اللواتي لا يرغبن في إنجاب طفل آخر لا يستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة، وأن 40 في المئة من النساء، يرغبن باستخدام وسيلة لتنظيم الأسرة في السنة الأولى بعد الانجاب، ولكنهن لا يقمن بذلك. وتفيد إحصاءات رسمية بأن أكثر من ثلث الولادات في اليمن، حوالى 37 في المئة، تتم بعد فترة تباعد أقل من سنتين بين مولود وآخر. وترى ناشطات اجتماعيات أن عدم وجود قانون يحظر زواج القصّر ذكوراً وإناثاً، يعدّ سبباً رئيساً في استمرار اخفاق سياسات تنظيم الاسرة، إضافة إلى عدم تفعيل مجانية الفحص الطبي قبل الزواج وبعده، وارتفاع اسعار وسائل منع الحمل. وتبعاً لدراسة أعدها الدكتور عبدالسلام الفقيه المدرس في جامعة إب، فإن معدل الولادات في اليمن، يصل إلى 80 مولوداً في الساعة و1860 مولوداً في اليوم و662 ألف مولود في العام. وتوقعت الدراسة أن يتضاعف عدد سكان اليمن إلى مرتين ونصف المرة عام 2025، وأن يصل عدد سكان اليمن إلى 109 ملايين نسمة مع حلول عام 2050. ويقول باحثون ان استمرار الارتفاع السكاني في ضوء شح الموارد وتدهورها، سيفضي الى اتساع رقعة الفقر والأمية والبطالة والعنف، كما سيؤدي إلى إدامة البنى التقليدية وتهميش النساء.